ما هو علم الفيزياء؟
فكر في جميع الأجهزة التكنولوجية التي تستخدمها بشكل منتظم، قد يتبادر إلى الذهن أجهزة الكمبيوتر والإنترنت اللاسلكي والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) ومشغلات (MP3) وراديو القمر الصناعي، بعد ذلك، فكر في أكثر التقنيات الحديثة إثارة التي سمعت عنها في الأخبار، مثل القطارات التي تحلق فوق مساراتها، وعباءات الخفاء التي تحني الضوء حولها، والروبوتات المجهرية التي تقاوم الخلايا المريضة في أجسامنا، تعتمد كل هذه التطورات الرائدة على مبادئ الفيزياء.
الفيزياء فرع من فروع العلم، تأتي كلمة علم من كلمة لاتينية تعني “امتلاك المعرفة”، وتشير إلى معرفة كيفية عمل العالم المادي، بناءً على أدلة موضوعية يتم تحديدها من خلال الملاحظة والتجريب، الشرط الأساسي لأي تفسير علمي لظاهرة طبيعية هو أنّه يجب أن يكون قابلاً للاختبار؛ يجب أن يكون المرء قادرًا على ابتكار وإجراء تحقيق تجريبي إمّا يدعم أو يدحض التفسير، من المهم ملاحظة أنّ بعض الأسئلة تقع خارج نطاق العلم على وجه التحديد لأنّها تتعامل مع ظواهر غير قابلة للاختبار علميًا، تساعد هذه الحاجة إلى دليل موضوعي في تحديد عملية التحقيق التي يتبعها العلماء.
تعريف علم الفيزياء:
“الفيزياء هي العلم الذي يهدف إلى وصف الجوانب الأساسية لكوننا”، يتضمن ذلك ماهية الأشياء بداخلها، وما هي خصائص تلك الأشياء التي يمكن ملاحظتها، وما هي العمليات التي تخضع لها هذه الأشياء أو خصائصها، بعبارات أبسط، تحاول الفيزياء وصف الآليات الأساسية التي تجعل كوننا يتصرف بالطريقة التي يتصرف بها. على سبيل المثال، ضع في اعتبارك الهاتف الذكي الذي تمتلكه، تصف الفيزياء كيفية تفاعل التيار الكهربائي مع الدوائر المختلفة داخل الجهاز.
تساعد هذه المعرفة المهندسين على اختيار المواد المناسبة وتخطيط الدوائر عند بناء الهواتف الذكية، بعد ذلك، ضع في اعتبارك نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، تصف الفيزياء العلاقة بين سرعة الجسم والمسافة التي يقطعها والوقت الذي يستغرقه لقطع تلك المسافة، عند استخدام جهاز (GPS) في مركبة، فإنّه يستخدم علاقات الفيزياء هذه لتحديد وقت السفر من موقع إلى آخر.
ما هي فروع علم الفيزياء؟
مع تطور تقنيتنا عبر القرون، توسعت الفيزياء لتشمل العديد من الفروع، يمكن للشعوب القديمة فقط دراسة الأشياء التي يمكنهم رؤيتها بالعين المجردة أو تجربتها بطريقة أخرى دون مساعدة من المعدات العلمية، وشمل ذلك دراسة “الكينماتيكا”، وهي علم دراسة الأجسام المتحركة، على سبيل المثال، غالبًا ما درس القدماء الحركة الظاهرية للأجسام في السماء، مثل الشمس والقمر والنجوم، يتضح هذا في بناء المراصد الفلكية لعصور ما قبل التاريخ، مثل “ستونهنج” في إنجلترا.
فرع علم الحركة:
درس القدماء أيضًا الإحصائيات والديناميكيات، والتي تركز على كيفية بدء الأجسام في الحركة، والتوقف عن الحركة، وتغيير السرعة والاتجاه استجابةً للقوى التي تدفع الأشياء أو تسحبها، سمح هذا الاهتمام المبكر بالحركيات والديناميكيات للبشر باختراع آلات بسيطة، مثل الرافعة والبكرة والمنحدر والعجلة، تم دمج هذه الآلات البسيطة ودمجها تدريجياً لإنتاج آلات أكثر تعقيدًا، مثل العربات والرافعات.
سمحت الآلات للبشر بالقيام بمزيد من العمل تدريجيًا بشكل أكثر فاعلية في وقت أقل، ممّا سمح لهم بإنشاء مبانٍ وهياكل أكبر وأكثر تعقيدًا، والتي لا يزال الكثير منها موجودًا اليوم منذ العصور القديمة، خلال عصر النهضة، استخدم “إسحاق نيوتن” الملاحظات التي قام بها “جاليليو” لبناء قوانينه الثلاثة للحركة، كانت هذه القوانين هي المعيار لدراسة علم الحركة والديناميكيات حتى يومنا هذا.
فرع الصوتيات والبصريات:
مع تقدم التكنولوجيا، تنوعت فروع الفيزياء بشكل أكبر، وتشمل هذه الفروع مثل الصوتيات، ودراسة الصوت، والبصريات، ودراسة الضوء، في عام (1608م).
فرع علم الفلك:
أدى اختراع التلسكوب من قبل صانع النظارات الألماني، “هانز ليبرشي”، إلى اختراقات هائلة في علم الفلك، دراسة الأجسام أو الظواهر في الفضاء، بعد عام واحد، في عام (1609م)، بدأ “جاليليو جاليلي” الدراسات الأولى للنظام الشمسي والكون باستخدام التلسكوب.
فرع الديناميكا الحرارية:
أحد الفروع الرئيسية الأخرى للفيزياء هو الديناميكا الحرارية، والتي تشمل دراسة الطاقة الحرارية ونقل الحرارة، درس الفيزيائي الإنجليزي “جيمس بريسكوت جول”، طبيعة الحرارة وعلاقتها بالشغل الفيزيائي، ساعد عمل “جول” في وضع الأساس لأول قانون من ثلاثة قوانين للديناميكا الحرارية التي تصف كيفية انتقال الطاقة في كوننا من كائن إلى آخر أو تحويلها من شكل إلى آخر، كانت الدراسات في الديناميكا الحرارية مدفوعة بالحاجة إلى جعل المحركات أكثر كفاءة، والحفاظ على الناس في مأمن من العناصر، والحفاظ على الطعام.
فرع الكهرباء والمغناطيسية:
شهد القرنان الثامن عشر والتاسع عشر أيضًا خطوات كبيرة في دراسة الكهرباء والمغناطيسية، تتضمن الكهرباء دراسة الشحنات الكهربائية وتحركاتها، لوحظت المغناطيسية منذ فترة طويلة كقوة جذب بين جسم ممغنط ومعدن مثل الحديد، أو بين القطبين المتقابلين “الشمال والجنوب” لجسمين ممغنطين.
في عام (1820م)، أظهر الفيزيائي الدنماركي “هانز كريستيان أورستد” أنّ التيارات الكهربائية تخلق مجالات مغناطيسية، في عام (1831)، أظهر المخترع الإنجليزي “مايكل فاراداي” أنّ تحريك سلك عبر مجال مغناطيسي يمكن أن يحفز تيارًا كهربائيًا، أدت هذه الدراسات إلى اختراعات مثل المحرك الكهربائي والمولد الكهربائي، ممّا أحدث ثورة في حياة الإنسان من خلال جلب الكهرباء والمغناطيسية إلى أجهزتنا.
فرع الفيزياء النووية:
شهدت نهاية القرن التاسع عشر اكتشاف المواد المشعة من قبل العالمين الفرنسيين “ماري وبيير كوري” تتضمن الفيزياء النووية دراسة نوى الذرات، مصدر الإشعاع النووي، في القرن العشرين، أدت دراسة الفيزياء النووية في النهاية إلى القدرة على تقسيم نواة الذرة، وهي عملية تسمّى الانشطار النووي، هذه العملية هي الأساس لمحطات الطاقة النووية والأسلحة النووية.
فرع ميكانيكا الكم:
أيضًا، شهد مجال ميكانيكا الكم، الذي يتضمن ميكانيكا الذرات والجزيئات، خطوات كبيرة خلال القرن العشرين حيث زاد فهمنا للذرات والجسيمات دون الذرية.
فرع الفيزياء النسبية:
في أوائل القرن العشرين، أحدث “ألبرت أينشتاين”، ثورة في العديد من فروع الفيزياء، وخاصة النسبية، لقد أحدثت النسبية ثورة في فهمنا للحركة والكون بشكل عام، الآن، في القرن الحادي والعشرين، يواصل الفيزيائيون دراسة هذه الفروع والعديد من فروع الفيزياء الأخرى.
الفيزياء بين الماضي والحاضر:
يُعتقد أن كلمة فيزياء تأتي من الكلمة اليونانية “فوسيس” (phusis)، والتي تعني “الطبيعة”، سميت دراسة الطبيعة فيما بعد بالفلسفة الطبيعية، من العصور القديمة وحتى عصر النهضة، شملت الفلسفة الطبيعية العديد من المجالات، بما في ذلك علم الفلك وعلم الأحياء والكيمياء والرياضيات والطب.
على مدى القرون القليلة الماضية، أدى نمو المعرفة العلمية إلى زيادة التخصص وتفرع الفلسفة الطبيعية إلى مجالات منفصلة، مع احتفاظ الفيزياء بالجوانب الأساسية، والتي تسمّى الفيزياء، كما تطورت من عصر النهضة إلى نهاية القرن التاسع عشر، “بالفيزياء الكلاسيكية”، حولت الاكتشافات الثورية التي بدأت في بداية القرن العشرين الفيزياء من الفيزياء الكلاسيكية إلى “الفيزياء الحديثة”.