مستقبل طاقة المد والجزر

اقرأ في هذا المقال


لطالما قدم المحيط للبشر الكثير من الأشياء، ومع ذلك هناك نوع جديد من الموارد غير المستغلة يندفع الآن عند أقدامنا وهو طاقة المد والجزر، حيث تحتوي بحارنا على وفرة من الطاقة على شكل مياه متحركة، وفي الواقع إذا تمكنا من إيجاد طريقة لتسخير كل هذه الطاقة بكفاءة فسنكون قادرين على تلبية احتياجات الطاقة لسكان العالم بأسره في المستقبل.

ما هي طاقة المد والجزر؟

بكلمات بسيطة إن طاقة المد والجزر هي عبارة عن شكل من أشكال الطاقة المائية التي تحول الطاقة التي يتم الحصول عليها عادةً من المد والجزر إلى أشكال مفيدة من الطاقة وخاصة الكهرباء، ومن ثم يتم تسخير هذه الطاقة (الكهرباء) للاستفادة منها في المباني والشركات والمنازل؛ ونظراً لأهمية هذه الطاقة وفوائدها الكبيرة فقد تصبح هذه الطاقة هي الطاقة المستقبلية في السنوات القادمة.

حاضر طاقة المد والجزر

في عالم الطاقة المتجددة تعد قوة المد والجزر واحدة من أكثر نقاط المناقشة مجردة وغامضة، حيث إنها ليست مطورة ميكانيكياً مثل مصادر الطاقة المتجددة الأخرى مثل الطاقة المائية أو الكتلة الحيوية، وهي بالتأكيد لا تتطلب نفس النوع من الضغط مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح.

وفي السنوات الأخيرة الماضية أظهر الاهتمام بالطاقات المتجددة فعلاً اتجاهاً متزايداً باستمرار بحثاً عن مصدر مناسب ونظيف بديل للكربون والوقود الأحفوري، وفي مثل هذا السياق تعتبر طاقة المد والجزر جذابة بشكل كبيراً جداً سواء بالنسبة للموارد المتاحة من الناحية النظرية أو لبعض الخصائص التقنية المحددة مثل السلوك الأكثر قابلية للتنبؤ فيما يتعلق بمصادر أخرى مثل طاقة الرياح.

وفي الوقت الحالي من المحتمل أن تزداد مكانة طاقة المد والجزر؛ بسبب فوائدها الكبيرة بالنسبة للبيئة وللدول التي تستخدمها، فعلى سبيل المثال يشير تحليل جديد إلى أن طاقة المد والجزر يمكن أن توفر في الواقع ما يصل إلى 20٪ من قوة المملكة المتحدة إذا تم جمعها واستخدامها بكفاءة، وقد ذكر هذا التحليل أيضاً أن التكنولوجيا الأحدث والفهم الأكثر شمولاً والأكثر منهجية لمصب الأنهار والجداول قد وضع طاقة المد والجزر في وضع يمكنها من أن تصبح واحدة من أكثر أشكال الطاقة المتجددة موثوقية.

ما هو التالي لطاقة المد والجزر؟

تمتلك طاقة المد والجزر القدرة على تقديم كل الطاقة التي نحتاجها، مما قد يلغي الحاجة إلى الوقود الأحفوري، وكما ذكر العديد من العلماء أن المد يحرك كمية هائلة من الماء مرتين في اليوم، وبالتالي يمكن أن يوفر تسخيرها قدراً كبيراً من الطاقة.

ومع ذلك نظراً لأن تكنولوجيا المد والجزر لم تكن متاحة إلا لعقود قليلة فلا يزال هناك العديد من التحديات لهذه الطاقة، حيث تعمل العديد من الشركات والجامعات حالياً على تطوير موجة جديدة من التكنولوجيا مدعومة بمنح من صندوق توزيع مصادر الطاقة المتجددة البحرية بقيمة حوالي 50 مليون جنيه إسترليني.

فعلى سبيل المثال منذ ما يقرب من 10 سنوات قامت وكالة التنمية الإقليمية في الجنوب الغربي بتركيب (Wavehub)، وهو الموقع المفتوح الأكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية لاختبار التقنيات المتجددة البحرية على بُعد 16 كيلومتراً من ساحل كورنوال.

كما أنه يوجد هناك العديد من الفرص المحددة المرتبطة بتقنيات المد والجزر، والتي يمكن أن تقدم حلولاً محتملة في مكافحة أزمة المناخ العالمية – مع تحقيق هدف العالم الصافي في صفر انبعاثات في عام 2050.

مستقبل طاقة المد والجزر

على المدى القصير من المرجح أن تمثل طاقة المد والجزر حصة كبيرة من إجمالي الطاقة المتجددة، ولكن أن المشاريع والتقنيات الجديدة المستخدمة لتوليد الطاقة من طاقة المد والجزر قد تكون مكلفة جداً، وإن مستقبل طاقة المد والجزر مرتبط بشدة بالتكاليف التي ينطوي عليها الأمر.

وفي هذه الحالة فإنه من الصعب على طاقة المد والجزر أن تكمل مسيرها بالأسعار التي تقدمها شركات الكهرباء التقليدية مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي، ومع ذلك قد يبدو المستقبل أكثر إشراقاً من أي وقت مضى، حيث قد تنخفض التكاليف بفضل تحول العلماء نحو توربينات تحت الماء أكثر كفاءة ولوجستيات مجددة، وبالإضافة إلى ذلك تجد مولدات الطاقة أيضاً طرقاً للحفاظ على التنوع البيولوجي من خلال تصميم مولدات يمكن وضعها بعيداً في الماء والتي تشكل خطراً أقل على الحياة البحرية.

كما يتم بالفعل وضع الخطط لبناء أجهزة مد وجزر متطورة، والتي تتوقع توفير الطاقة لأكثر من مليون منزل، ويمكن أيضاً لمحطات المد والجزر مواجهة تلك التحديات التي تواجهها مصادر الطاقة المتجددة من خلال تزويد الصناعة بالحمل الأساسي، ونظراً لأن المد والجزر يمكن التنبؤ به ولا يحدث في نفس الوقت على طول نفس امتداد الخط الساحلي يمكن تنظيم المصانع وتصميمها للعمل بسعات كاملة على جداول محددة مسبقاً بالتناوب، وبالتالي توفير طاقة ثابتة متاحة للشبكة، وهذا بدوره يعني أن هذه الطاقة هي حقاً طاقة المستقبل.


شارك المقالة: