ما هي الأعمال التجارية بالتبعية وبالمختلطة؟

اقرأ في هذا المقال


ما هي الأعمال التجارية بالتبعية؟

وعلى اعتبار أنه في ما يتعلق بالنظرية الأعمال التجارية لم تتحدد فقط على الجانب الموضوعي الذي يعمل على تنظيم الصفة التجارية من أجل تنسيقه تبعاً لطبيعته وموضوعه بصرف النظر عن أي اعتبار آخر، بل تعدتها بإتمام هذه الصفة وطغيها على الكثير من الأعمال عن طريق رد نظرية العمل التجاري إلى أساس شخصي، ويقوم هذا الأساس الشخصي أو الذاتي على تقرير الوصف التجاري للعمل بالنظر إلى صفة القائم به بحيث يعدّ تجارياً إذا كان القائم به تاجراً.

وعلى ذلك توسعت عولمة الأعمال التجارية وتبينت في ما بعد إلى جانب الأعمال التجارية بحكم أهميتها من أعمال التجارية أخرى وغيرها من الأعمال، وتم اكتساب هذه الصفة التجارية وفقاً لعمل الشخص وحرفته القائمة، وسمّيت بالأعمال التجارية بالتبعية، ويسميها بعضهم بالنسبية أو الذاتية. وبهذا أخذ المشرِّع بالمادة الثامنة من قانون التجارة إذ قال: (جميع الأعمال التي يقوم بها التاجر لحاجات تجارته تعدّ تجارية أيضاً في نظر القانون).

فإن مصدر هذه الأعمال التجارية التي تتصف بالتبعية هي بطبيعة الحال أعمال تابعة للقانون مدني وتتسم بكونها مدنية، ولكنها تتسم بالصفة تجارية؛ بسبب ورودها من الشخص تاجر القائم بأعمال تجارته، حيث أن سبب تجارية هذه الأعمال ليس في في صفتها التجارية وإنما في العمل القائم به التاجر، ومن هنا يتم ملاحظة الفرق بين الأعمال التجارية بحكم ماهيتها والأعمال التجارية بالتبعية من حيث أن الأولى هي التي تسبغ على الشخص الذي يمارسها على وجه الاحتراف صفة التاجر، أما الثانية فلا تعد تجارية إلا بفضل التاجر إذا مارسها لمصلحة تجارته.

ويعتمد معنى الصفة بالتبعية إلى أنّ الشخص التاجر يقوم على العمل بنشاطين من الأعمل؛ فهو يعمل على القيام بالأعمال التجارية، وأيضاً يتعايش في المجتمع كباقي أفراد المجتمع ويمارس النشاط المدني بغض النظر عن أنه لا يمتُ بصلة إلى حياته التجارية، فيتزوج ويهب ويشتري سيارة لتنقل أفراد عائلته إلى غير ذلك من الأعمال التي لا علاقة لها بشؤون تجارته، غير أن هذا التاجر يقوم إلى جانب النشاط المدني الخاص والنشاط التجاري الخالص بأعمال من طبيعة مدنية ولكنها تتصل بشؤون تجارته.

وعلى هذا الأساس تعتبر هذه الأعمال تجارية لا بحسب صفتها لأنها تعتبر مدنية، لكن يتم هذا الاعتبار بناءاً على الشخص القائم بها، وذلك على اعتبار أنها ملزمة ومكملة لنشاطه التجاري، من أمثلة هذه الأعمال شراء تاجر الدفاتر التجارية اللازمة لمحله التجاري، أو النفط اللازم لإدارة مصانعه، أو السيارة لنقل بضائعه إلى عملائه.

ويتم تخليص ذلك على اعتبار أنّ النظرية التبعية تعمل على عدة أساسات منها: على اعتبارات محكمة وواقعية ودراسات تقيم حجج ودلالات تعمل على إعطاء الصفة التجارية على عمل القائم بة التاجر تابعاً لحرفة التاجر، حتى نطلق نظاماً قانونياً واحداً على العمل الأصلي والعمل التابع وفقاً للمبدأ القائل بأن الفرع يتبع الأصل في الحكم، وبالمقابل ومن هذا المنطلق نفسه يمكن القول: إنّ الأعمال التجارية تتحول إلى أعمال مدنية متى أجراها غير التاجر لتكمل حرفته المدنية وتمكنه من مزاولتها، فيعدّ مدنياً بالتبعية مثلاً شراء المزارع للأكياس التي يُعبئ فيها محصوله ليبيعها مع المحصول، وشراء صاحب المدرسة الخاصة الأغذية والأدوات ليبيعها إلى تلاميذه.

ما هي الأعمال التجارية بالمختلطة؟

يتم العمل بهذه الأعمال عادةً بين شخصين ضمن ثلاثة حالات:

  •  الحالة الأولى: تتم هذه الأعمال في هذه الحالة من خلال العمل التجاري بين شخصين من التجار، كما لو باع صاحب المتجر السلع التي ينتجها للتاجر الذي يتوسط بهدف شراءها من أجل إعادة بيعها، ولا يثير هذا النوع من الأعمال أي مشكلة قانونية فيما يتعلق بالقواعد القانونية الواجبة التطبيق في حال وجود نزاع؛ إذ ينطبق على هذه الأعمال القانون التجاري لكون العمل من طبيعة تجارية بالنسبة إلى الطرفين.

  •  الحالة الثانية: أما في هذه الحالة قد تتم هذه الأعمال التجارية بين طرفين ويعدّ بطبيعة هذا العمل مدني  إلى كل من هؤلاء الشخصين، كما لو باع الطرف الأول على اعتبار أنه مزارع جزءاً من إنتاجه الزراعي لمحاصيله الزراعية لطرف الثاني من أجل استهلاكه الشخصي من المنتجات الزراعية، ولا يثير هذا النوع من الأعمال أي مشكلة قانونية فيما يتعلق بالقواعد الواجبة التطبيق في حال وجود نزاع؛ إذ ينطبق على هذه الأعمال القانون المدني نظراً لصفتها المدنية بالنسبة إلى طرفيها.

  • الحالة الثالثة: وقد تعتبر في هذه الحالة عمل مختلط في حال كان بين طرفين؛ حيث يعتبر الطرف الأول بالنسبة إلى طرف الأخر عمل تجاري وبالنسبة إلى الطرف المقابل عمل مدني، ويسمى هذا النوع من الأعمال بالأعمال المختلطة نظراً لصفتها المختلطة بالنسبة إلى أطرافها.

وأمثلة هذا النوع من الأعمال كثيرة، فعلى سبيل المثال؛ متل المزارع الذي يعمل على بيع صافي إنتاجه من محاصيله زراعية من لقطن إلى تاجر الذي يعمل في مجال القطن، فيعمل على بيع ناتج القطن وهذا عمل يعتبر بطبيعته من حيث اكتساب الصفة القانونية مدني من جانب المزارع وشراؤها عمل تجاري بالنسبة إلى تاجر القطن، وكذلك عقد النشر الذي يتم بين المؤلف والناشر، وعقد العمل الذي يبرم بين العامل وصاحب المصنع، والعقد الذي يتم بين الممثل وبين صاحب مشروع المشاهد العامة. في كل هذه الصور نجد طرفاً يُعدّ العقد بالنسبة إليه عملاً تجارياً في حين يُعدّ العقد نفسه بالنسبة إلى الطرف الآخر عملاً مدنياً.

وفي الواقع أنّ الأعمال المختلطة لا تنتمي إلى الأعمال التجارية الجديدة، وإنما هي الأعمال التجارية بحد ذاتها بغض النظر عن نوعها؛ سواء النوع التجاري من الأعمال التجارية المنفردة أو التي تتم على شكل مشروع أو بالتبعية، فكل هذه الأعمال يمكن أن تكون تجارية مختلطة، وذلك إذا أمكن أن تُعدّ تجارية على هذا النحو أو ذلك بالنسبة إلى طرف واحد فقط من طرفيها في حين تظل مدنية بالنسبة إلى الطرف الآخر.

والسؤال هنا ما هو القانون أو النظام القانوني الواجب التطبيق بالنسبة إلى الأعمال المختلطة؟

أما بالنسبة للطرف الذي يتبع القانون التجاري بحسب عمله التجاري فإنّ نظرية الإثبات تنقضي بحسب تطبيق قواعد الإثبات التجارية، فإذا باع الطرف مزارع ما ينتجه من المحاصيل الزراعية في مزرعته للطرف التاجر وادعى الأخير أنه لم يتسلم المحصول من المزارع أو أنه دفع الثمن وجب عليه التزام قواعد الإثبات المدنية؛ أي يتعين عليه الإثبات بالكتابة؛ لأنّ العمل مدني بالنسبة إلى المزارع، إما إذا ادعى المزارع أنه سلم المحصول إلى التاجر أو أنه لم يقبض الثمن كان له أن يُقيم الدليل على ادعائه بجميع طرق الإثبات؛ لأن الإثبات في المواد التجارية حُر طليق من القيود.


شارك المقالة: