ما هي الطبيعة القانونية لشرط إدارة دعوى المسؤولية؟
يظن البعض أن هذا الشرط على أنه توكيل صادر من المؤمّن لـه للمـؤمّن فـي إدارة الدعوى نيابة عنه في جميع إجراءاتها من البداية حتى النهاية بما في ذلك الطعـن فـي الحكـم الصادر فيها، فالوكيل هنا هو المؤمّن والموكل هو المؤمّن له ومحل الوكالـة هـو أن يتـولى المؤمّن الدفاع عن المؤمّن له في دعوى التعويض التي يرفعها المضرور عليـه، إلا أن هـذه الوكالة في حقيقة الأمر تختلف في طبيعتها عن القواعد العامة لعقد الوكالة، فهي قبل أن يمارس
المؤمن حقه في إدارة الدعوى تعتبر وعد بالوكالة ملزمة لجانب واحد وهو جانب المؤمّن له.
إن حرية الاختيار تترك للمؤمّن، فقد يرفض الإفادة من هذا الشرط ويترك زمام أمور إدارة الدعوى للمؤمّن له وحده فقط، وهو بذلك لا يخل بالتزام ما يقع على عاتقه لأنه في حقيقة الأمر يرفض رخصة كـان يتيحها له هذا الشرط، أما إذا اختار المؤمن استعمال حقه في إدارة الدعوى فإن الوعد بالوكالة ينقلب إلى وكالة من نوع خاص متعلقة بمصلحة الطرفين في ذات الوقـت، فهـي لصـالح المؤمّن لأن دفع المسؤولية عن كاهل المؤمّن له يفيده بالدرجة الأولى فهو الملتزم بدفع التعويض للمؤمن له استناداً لعقد التأمين، فهنا تكون مصلحة الوكيل (المؤمن) أظهر من مصلحة الموكـل (المؤمن له) وهذا يتنافى مع القواعد العامة لعقد الوكالة.
وهي كذلك لصالح المؤمّن له لأن المؤمن إذا اختار ممارسة حقـه فـي إدارة الـدعوى فيجب عليه أن يستمر في ذلك حتى يتم الفصل فيها، ولا يجوز له بعد المضي في الـدعوى أن يتنحى عن التوكيل شأنه شأن أي وكيل عادي
، إضافة إلى أن المؤمن يسأل عن خطئـه فـي إدارة دعوى التعويض كما يسأل الموكل أمام الوكيل عن خطئه في تنفيذ الوكالة، فقـد يتسـبب المؤمن بخطئه أو بإهماله بزيادة أعباء المؤمن له وذلك بصدور حكم يجـاوز مقـدار الضـمان
الملتزم بدفعه، ففي هذه الحالة يتحمل المؤمن الضرر الناشئ عن تهاونه في الدفاع عن حقـوق المؤمن له وفقاً للقواعد العامة في عقد الوكالة.
وفي نفس الوقت لا يجوز للمؤمن له أن يتدخل في إدارة دعوى المسؤولية، كما انـه لا يملـك الحق في عزل المؤمن من مهمة الدفاع عنه وإلا كان مخلاً بالتزامه.