المبادئ الإسلامية الأساسية للقانون الدولي الإنساني:
الحرب ظاهرة إنسانية رافقت المجتمع البشري منذ وجود البشرية وقد عانت البشرية من معاناة مؤلمة، وهي سبب دمار الدول وانتهاك حقوق الإنسان وغياب العدالة والقيم وانعدام الإحسان. وإن الحرب العالمية الثانية شهادة من هذا القبيل باستثناء الإصابات الشخصية والإعاقة العقلية وخسارة الأموال وتلف الممتلكات، حيث تجاوز عدد القتلى 50 مليونًا.
وفي ظل هذا الإفساد والمآسي، يتجه العالم إلى التقليل من أثر الحرب والحد من ويلاتها، وقد تم سن ما يسمى بالقانون الدولي الإنساني والذي يهدف إلى الحد من تأثير النزاعات المسلحة وحماية المدنيين من ويلات النزاعات، والمشاركة في الأعمال العدائية أو التوقف عن المشاركة في الأعمال العدائية. ويتوافق القانون الدولي الإنساني تمامًا مع الرسالة الإسلامية للتسامح، مع هدفها العام ومع أهدافها السامية؛ لأن الحرب في نظره ما هي إلا مجموعة أعباء وآلام تثقل كاهل الإنسان وتعيق حركته وتستنفد ثرواته وتهلك حياته.
فإن الإسلام لا يعتبر الحرب إلا شرًا لا مفر منه، وأيضاً تعتبرها الطبيعة البشرية حتمًا شرًا لا مفر منه، ولن يؤدي إلا إلى إجبار الحرب على التعامل مع العدوان ومواجهة الظلم أو إنهاء الاستبداد، ثم إن القاعدة تنص على أن الضرورة تقدر على أساس درجتها، فلا بد من حصرها في الزيادة في الضرورة، وزوال العدوان والظلم وعدد مرات الاستبداد.
ولقد عارضت الحرب رسالة الإسلام في التسامح منذ البداية، فرسالة تسامح الإسلام بدأت في توجيه البشر ومعاناتهم إلى عدم قتلها وتدميرها، وهي تتعارض مع غرض الحرب وهدفها وهذا هو التعاطف البشرية لا الألم والمعاناة، فكل الشريعة الإسلامية تنص على أن ذلك سيؤدي إلى منع الحرب ومنع وقوعها، أو التقليل من أثرها والحد من معاناتها ومآسيها.
ولذلك، في الشريعة الإسلامية، يحظر مهاجمة المدنيين الذين لم يشاركوا في الحرب، بما في ذلك النساء والأطفال والمسعفين وفرق الإنقاذ الإنساني وما إلى ذلك، كما أنه لا يُسمح باستهداف المدنيين كالمدارس والمستشفيات والملاجئ. والدليل على احترام الإسلام لجميع القوانين التي ترمي إلى حماية الإنسان من الأذى، إجلال النبي عليه السلام لحلف الفضول الذي شهده في الجاهلية، والذي كان ينص على المساواة بين الناس والأخذ للضعيف من القوي حيث قال عنه: لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو أدعى به في الإسلام لأجبتُ.