انفراد المؤمن بحق إجراء الصلح مع المضرور

اقرأ في هذا المقال


ما هو شرط انفراد المؤمن بحق إجراء الصلح مع المضرور؟

إن المؤمّن لا يكتفي بأن يمنع المؤمًن له من التصالح مع الغير المضرور بل وقد يتخطى ذلك ،وهو ما يحدث غالباً في اشترط الاحتفاظ المؤمًن لنفسه بالحق بالانفراد في إجراء هـذا الصلح مع المضرور بدلاً من المؤمن له.

ويرى المؤمًن نفسه أنه قد يحتاج إلى التمسك بهذا الحق حتى ولو كانت مسؤولية المـؤمًن له ثابتة ولا خلاص من إدانته، فقد يجد أن من مصلحته إنعقاد تسوية مع المضرور لعله يصـل معه إلى تحديد مبلغ تعويض أقل مما قد يحكم به قضائياً، إضافة إلى أنه سيعطي نفسه فرصـة تجنب زيادة المصروفات والنفقات التي تتطلبها الإجراءات القضائية.

وللمؤمًن مصلحة في إجراء الصلح حتى لو توافر في حق المؤمن له سبب من أسباب الخساره وحتى ولو كانت نية المؤمن متجهة إلى التمسك به، ويتم ذلك في الأحـوال التـي لا يمكنه التمسك بهذا الجزاء في مواجهة المضرور نفسه، وإذا كان للمؤمًن في هذه الحالة الحق في الرجوع على المؤمًن له بما دفعه من تعويض للغير المضرور، إلا أنه قد يفضل إجراء تسوية مع المضرور بدلاً من احتمال أن يجد المؤمن له معسـراً عنـد الرجـوع عليه.

حيث للمؤمن حق في التصالح مع المضرور بحيث يجب أن يكتب في عقد التأمين بشكل صريح ومفهوم، فهذا الشرط لا يستخلص ضمناً من شرط منع المؤمن له مـن التصـالح مـع المضرور أو شرط احتفاظ المؤمن بحق إدارة دعوى المسؤولية المرفوعة على المؤمن له. وهذا الاختلاف بشأن تحديد صلاحيات المؤمن لدى قيامه بـإبرام الصـلح مع المضرور نيابة عن المؤمن له يثير عدة إشكاليات تتعلق بالمصالح المتعارضة بـين كـل مـن المؤمن والمؤمن له.

فناحية أولى هنالك إشكاليات متعلق بما يدعو إليه المؤمن لـه مـن حقـوق قبـل الغيـر المضرور أو ما تسمى بالأضرار المتبادلة التي تصيب المؤمن له بالإضافة إلى الغير المضـرور كما هو الحال في الحادث المشترك في التأمين الإلزامي من المسؤولية،

هل يستطيع المؤمن في هذه الحالة أن يبرم صلح مع المضرور يتناول فيه حقوق المؤمن له تجاه هذا الغير المضرور؟

حيث أن جانب الفقه يتجه إلى القول بأن الشرط الذي يسمح للمؤمًن إجراء التصالح منفـرداً مع المضرور يخوله حسم الأمر من كافة جوانبه، بحيث يستطيع المؤمّن التصالح علـى حقـوق المضرور قبل المؤمّن له وأيضاً حقوق المؤمّن له قبل هذا المضرور، على اعتبـار أن حقـوق المؤمّن له تجاه المضرور لا تنفصل عن حقوق المضرور قبل المؤمّن لـه، فـالمؤمّن يملـك بموجب شرط التصالح مع المضرور وكالة عامة شاملة لمبدأ المسؤولية ومدى الضمان.


ويرى الفقه اتجاهًَ آخر أنه لا يجوز للصلح الذي أجراه المؤمن مع المضرورر بموجب الشرط الوارد في الوثيقة أن يتناول حقوق المؤمن له تجاه الغير المضرور، لان شـرط الانفراد بالصلح مع المضرور يجب أن يفسر في حدود الغرض منه، وهو حسـم الأمـر مـع المضرور بالنسبة لمسؤولية المؤمن له تجاه هذا المضرور.

و الرأي الثاني منطقي بسب بأنها مرتبطه بحقوق المؤمّن له قبل المضرور بشخص المؤمّن لـه ذاته، لأنها ملك له وحده له الحق في تصرف بها كما يشاء، فالأمر في المسؤولية المدنية كما يعبـر بعـض الفقه “ليس مجرد مسائل مالية تخص المستأمن، وإنما أمور تتعلق قطعا بالشرف والسمعة، تلـك الأمور التي يمكن أن يكون لها من الأهمية ما لا تعادله التضحية بحقيبة نقود”
وهناك اشكاليه من ناحية أخرى تتعلق بالتأمين المحدد الذي تكون فيه مسـؤولية المؤمن تجاه المؤمن له محددة بسقف تأميني محدد في العقد لا يجوز تجاوزه، فقد يقوم المـؤمن بالتصالح مع المضرور على مبلغ تعويض يتجاوز مقدار مبلغ التأمين المحدد في العقد.

هل يلتزم المؤمن له بالصلح المبرم مع المضرور فيما يجاوز ضـمان المـؤمن تجـاه المؤمن له؟

إن تجاوز الصلح لمقدار الضمان يكـون دليل علـى المؤمّن فيجب له الالتزام به، بحيث للمؤمن حق برجوع عليه بما دفعه الزيادة على مبلـغ التأمين المحدد في العقد، وذلك على اعتبار إن التصرف الذي يبرم المؤمن (الوكيل) به ينصـرف أثره إلى المؤمن له (الموكل) لأنه طالما كان ذلك في نطاق وكالته ومثل هذه الوكالة تسمح للمـؤمن بحسم الأمر مع المضرور فيما يتعلق بالمصالح المشتركة بين المؤمن والمؤمن له.

أنه لا يجوز أن يكون الضمان المتصالح عليـه مـع المضرور يتعدى مبلغ التأمين المتفق عليه في العقد ولأنه يعبر عن الحد الأقصى لضـمان المؤمن، بمعنى أنه يجب أن يكون الصلح الذي يعقده المؤمن لوحده مع المضرور بحـدود مبلغ التأمين المستحق في ذمته للمؤمن له، ويبدو أن هذا الرأي منطقي يتفق مع الواقع لأنه من غير المتصور أن يكـون بوسـع لمؤمن مطالبة المؤمن له برد تعويض لم تتح له في أية لحظة فرصة مناقشته.



شارك المقالة: