اقرأ في هذا المقال
- ما هو مفهوم بيوع الحقوق المتنازع بها؟
- ما هي الحالات التي تعتبر من الحقوق المتنازع بها؟
- كيف يمكن التمييز بين الحالات التي تعتبر من الحقوق المتنازع بها؟
- ما هي الحالة الطبيعية القانونية للحقوق المتنازع عليها؟
- ما هي محاذير بيع الحقوق المتنازع بها؟
ما هو مفهوم بيوع الحقوق المتنازع بها؟
قد يكون اتفاق بين شخصين وقد كان الاختلاف على حق يزعمه أحد أطراف الاتفاق وينكره الطرف الآخر، فيلجأ صاحب الحق المزعوم إلى بيعه من ثالث خروجاً من النزاع، ليحل هذا الثالث محل البائع في ملاحقة الخصم وإثبات الحق و تحصيله بطريق القضاء. ويسمى هذا الحق في المفهوم القانوني حقاً متنازعاً عليه، وقد يكون هذا الحق عينياً كحق الملكية أو الإتفاق على عقار، وقد يكون حقاً شخصياً كمبلغ من النقد في الذمة، والذي هو من قبيل حوالة الحق التي أقرها القانون في بحث انتقال الالتزام.
ويعتبر هذا الحق الحقاً متنازعاً فيه، إذا كان محله أو المشكلة التي قد حلت قد رفعت به دعوى أو قام في شأنه نزاع جدي. وعرّفه بعض الفقه بقوله: يُعدّ البيع وارداً على حق متنازع فيه إذا كان محله مجرد ادّعاء حق شخصي أو حق عيني، أو كان موضوع الحق المبيع قد رفعت به دعوى أو قام في شأنه نزاع جدي. ويلاحظ من النص أن المنازعة يجب أن تكون قد قامت أمام القضاء، وفي الحقيقة يكفي احتمال عرض موضوع الحق المتنازع فيه على القضاء ليعد الحق متنازعاً عليه، غير أن مجرد احتمال وقوع النزاع لم يقبل به الاجتهاد لاعتبار الحق متنازعاً فيه.
ما هي الحالات التي تعتبر من الحقوق المتنازع بها؟
1- إذا رفعت به دعوى أمام القضاء بشرط أن يكون النزاع منصباً على موضوع الحق وأصله كإنكار وجوده أصلاً.
2- إذا قام بشأن الحق نزاع جدي ولو لم يطرح النزاع على القضاء بعد وللمحكمة السلطة التقديرية لذلك.
فإذا أراد طرف من الأطراف المتعاقدة أن يشتري حقاً متنازعاً فيه، فإنه يشتري بأقل من قيمته لأنه يراعي في تحديد قيمته هذا الحق احتمال خسارته وما يتكبده من جهود ونفقات من أجل إقراره. ولا يشترط قانوناً لكي يعدّ الحق متنازعاً عليه أن يكون قد رفعت في موضوعه دعوى إلى القضاء؛ بل يكفي أن يكون بين الطرفين نزاع جدي في موضوعه (المادة 437 مدني) بحيث لا يكون الحق مسلماً به ثابتاً بل يحتاج صاحبه إلى إثباته أمام القضاء.
أما في حالة إذا كان الحق ثابتاً وخالياً من النزاع، فلا تعتبر هذه الحالة متنازعاً عليها سواء رفعت به دعوى أم عرقل المدين على الدائن طريق الوصول بمدافعات لا تثمر سوى التطويل كالدفع بعدم اختصاص المحكمة، فيشترط أن يكون في موضوع الحق نزاع جدي، وهذا على كل حال متروك إلى تقدير القاضي.
كيف يمكن التمييز بين الحالات التي تعتبر من الحقوق المتنازع بها؟
1- بيع الحقوق المتنازع فيها لغير عمال القضاء.
2- منع عمال القضاء والمحاميين عن شراء الحقوق المتنازع فيها.
أولاً: بيع الحقوق المتنازع فيها لغير عمال القضاء (حق الاسترداد): في هذه الحالة يكونالحق المتنازع فيه إذا نزل عنه صاحبه إلى شخص أخر بمقابل فللمتنازل ضده أن يتخلص من المطالبة إذا هو رد إلى المشتري الثمن الحقيقي الذي دفعه مع المصروفات وفوائد الثمن بالسعر القانوني من وقت الدفع. مثال على هذا الكلام؛ إذا باع البائع عمرالمتنازل قلم بمبلغ 1111 دينار إلى علي المتنازل له وتبين أن ملكية هذا القلم متنازع فيها من قبل مريم المتنازل ضده، فهنا إذا دفعت مريم إلى المشتري علي الثمن وفوائد الثمن فإنها ستتخلص من هذا النزاع في ملكية القلم.
فما يجب دفعه من قبل المسترد مريم في المثال أعلاه الثمن أولاً، والثمن هو الثمن الحقيقي للقلم لا الثمن المسمى في العقد، وللمحكمة السلطة التقديرية في احتساب الثمن الحقيقي وأيضاً يجب على مريم أن تدفع كافة المصروفات التي تحملها المتنازل له علي، وأيضاً تلتزم مريم بدفع فوائد الثمن الحقيقي بالسعر القانوني 4% في المسائل المدنية و5% في المسائل التجارية.
ثانياً: منع عمال القضاء والمحاميين من شراء الحقوق المتنازع فيها: لا يجوز للحكام وللقضاة والمدعين العامين ونوابهم والمحامين ولكتبة المحاكم ومساعديهم:
يشترط لمنع عمال القضاء عن شراء الحقوق المتنازع فيها ثلاث شروط وهي:
1- أن يكون الحق متنازعاً فيه أي أنه قد رفعت به دعوى أو قام به نزاع جدي.
2- أن يكون مريد الشراء ممّن ذكروا أعلاه حصراً.
3- يكون النزاع المتعلق بالحق داخلاً في اختصاص المحكمة التي يباشر راغب الشراء عمله في دائرتها وإذا خالف أي شخص من الأشخاص المذكورين أعلاه فإن العقد يكون باطل وكأنه لم يكن.
ما هي الحالة الطبيعية القانونية للحقوق المتنازع عليها؟
وبحسب هذا القانون الذي شرعه مشرع القانون التجاري: هو يتم من خلال بيع حق من الحقوق المتنازع عليها هو كمبدأ بحد ذاته يعد بيع صحيح، ولكن القانون خصه بمجموعة من القواعد والشروط وأحكام التي قطع بها طريق الاستغلال وطريق المضاربة معاً:
1- فمن ناحية الاستغلال عدّ المشرِّع البيع باطلاً.
2- ومن ناحية المضاربة أعطى الطرف المدين حق الاسترداد، الذي تتحول به حق المضاربة إلى مصلحته هو من دون المشتري المضارب.
تتلخص ممّا سبق أنه يعتبر الحق إذا لم يكن متنازعاً فيه فبيعه لا جدال فيه، بل يأخذ بيعه بجميع أحكامه الأصلية. والحالة المريبة التي يخصها القانون هنا بأحكام استثنائية احتياطية لمنع استغلال النفوذ والمضاربة؛ إنما هي في بيع الحقوق المتنازع عليها.
ما هي محاذير بيع الحقوق المتنازع بها؟
يعتبر بيع الحقوق المتنازع عليها الذي ينطوي على مجموعة من المحاذير وإن كان في هذه ظاهرة ممارسة لحق مشروع هو على الأقل لتقدير بيع الحق والادعاء، وهذه المحاذير تتجلى في الافتراضات التالية:
1 ـ تكمن خطر هذه الحالة في أنه قد يتخذ المحامين أو القضاة أو مساعدين القضاة من إجازة هذا البيع على اعتبار أنه طريقاً لاســتغلال النفوذ، فيشترون من المدعين والموكلين حقوقاً تحت النزاع ليحصلوها لهم بقوة نفوذهم، وإن هذا المنع يزول بزوال صفة هؤلاء الأشخاص متى زالت عنهم صفتهم هذه (القاضي، المحامي، المساعد القضائي)، وعلى ذلك أن المشرع كان قد منع علــى هؤلاء شراء الحقوق المتنازع عليها تفادياً لأي شبهة أو ريبة مبعثها نفوذهم، وحيــن يحالون على التقاعد، مثلاً فإن صفتهم التي هي أساس النفوذ تزول والحالة هذه، وهذا الزوال يستلزم معه منطقياً زوال ظرف النفوذ أو حالته، وفي هذه الفكرة تنص القاعدة الفقهية على أنه “بزوال المانع يعود الممنوع”.
2 ـ أما في هذه الافتراضة: أنه من الممكن أن يتخذ الطامعون من شراء هذه الحقوق ميداناً للمراباة والمضاربة، فيشترون بأثمان بخسة حقوقاً يئس أصحابها منها، أو ضعف أملهم في تحصيلها لضعف وسائل إثباتها أو لإعسار الخصوم، ثم يحصلونها من المدينين والمعسرين بلا هوادة ولا شفقة وبطرق ووسائل هم بها أعرف، فلذلك كان بيع الحقوق المتنازع عليها لا يدعو إلى الطمأنينة.