دور الحصانات والامتيازات الدبلوماسية في التعامل الدولي

اقرأ في هذا المقال


الدبلوماسية هي كلمة مشتقة من اللغة اليونانية، وتعني وثيقة مطوية، وهي صادرة عن شخص مختص في الدولة، وتعطي لحاملها امتيازات خاصة، حيث دخلت الكلمة في القاموس الدولي منذ منتصف القرن السابع عشر، عندما حلَّت محل كلمة “مفاوضات”.

الحصانات الدبلوماسية:

تعتبر الحصانة الدبلوماسية نوعًا من الحصانة القانونية وتعتبر سياسة تعتمدها الحكومات لضمان عدم محاكمة الدبلوماسيين ومقاضاتهم بموجب قوانين البلد المضيف، والحصانة الدبلوماسية هي عقد تم التوصل إليه في عام 1961 كقانون دولي في مؤتمر فيينا الدبلوماسي.

ومنذ العصور القديمة، تم دمج التاريخ الدبلوماسي مع تطور الأشخاص الذين يتعايشون على أساس المصالح المشتركة، وبمرور الوقت، تم إنشاء سلسلة لا نهاية لها من القواعد والمبادئ والأعراف التي تهدف إلى تنظيم العلاقات الدبلوماسية بين الدول، حيث أن ظاهرة الحصانة الدبلوماسية وامتيازات المبعوثين الدبلوماسيين والمبعوثين الأجانب المعترف بهم من قبل الدولة الإسلامية يتمتعون دائمًا بالحصانة والحرمة الشخصية، ولا يوجد أي ذكر لأي حاكم مسلم ينتهك هذا الشرط في التاريخ. وتستند هذه الحصانات والامتيازات إلى العادات والآداب المتبادلة.

ومنذ القرن التاسع عشر، مع استقرار نظام التمثيل الدبلوماسي، تم إبرام العديد من الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف بشأن الوظائف الدبلوماسية أو بعض مظاهرها، وخاصة الحصانات والامتيازات الدبلوماسية، وأبرمت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية في 18 أبريل 1961، والتي ساعدت في إرساء القواعد والمبادئ المتعلقة بالحصانات والامتيازات الدبلوماسية، ومنذ ذلك الحين، حصلت على قواعد قانونية دولية ملزمة لجميع الأعضاء.

جوهر الحصانات والامتيازات الدبلوماسية في القانون الدولي:

تدور الحصانات الدبلوماسية حول استعمال سلسلة من الاستثناءات التي يتمتع بها الدبلوماسيون وبعثاتهم وأفراد أسرهم، وتحريرهم من قواعد النظام القانوني المطبقة على الأجانب في البلدان المعترف بها لهم، حيث ظهرت عدة نظريات قانونية توفر الأساس القانوني لاستعمال هذه الحصانات والامتيازات، وهذه النظريات هي:

  • نظرية الاختصاص: على افتراض أن المبعوثين الدبلوماسيين يعتبرون كما لو كانوا لا يزالون يعيشون في أراضي الدولة، ثم يخضعون فقط لاختصاص نظامهم القانوني، وهذا ينطبق أيضًا على مقر البعثات الدبلوماسية، وفقًا للطبيعة الافتراضية لأراضي الدولة. وهذه النظرية لا تلقى صدى واسعًا في المجتمع العلمي؛ لأنها تقوم على التصورات والافتراضات وليس لها أساس في الواقع.

كما أنه لا يوضح القيود التي تفرضها حصانات وامتيازات المبعوثين الدبلوماسيين، حيث تشير الاتصالات الدبلوماسية إلى أن أعضاء البعثات الدبلوماسية يمكنهم أيضًا التمتع بالحصانة خارج مقر البعثة وفي أي مكان على أراضي البلد المضيف، وهم ملزمون بالالتزام بقوانين وأنظمة بلدانهم المعترف بها. ومع ذلك، لا يزال هذا يؤثر على موضوع الحماية التي يتمتع بها المجرمون السياسيون المتهربون من البعثات الدبلوماسية.

  • نظرية التمثيل: وبناء على نظرية التمثيل يتمتع المبعوث الدبلوماسي بالحصانة والامتيازات الدبلوماسية؛ لأنه يمثل رئيس الدولة عند أداء مهامه في الدولة المستقبلة. ومع ذلك، فإن أهم نقطة ضد هذه النظرية هي أنها لا تميز بين حصانات وامتيازات الدبلوماسيين التي يتمتع بها عادة رؤساء الدول، باستثناء أن رئيس البعثة لا يمثل امتيازات الدبلوماسيين.
  • النظرية الوظيفية: تعتبر النظرية الوظيفية أهم نظرية لاستخدام الحصانات والامتيازات وتعتبر النظرية السائدة بالمعنى الضمني، حيث أن سبب إنشاء الحصانات والامتيازات الدبلوماسية هو تمكين البعثات الدبلوماسية وأعضائها من أداء واجباتهم على أفضل وجه، بشكل مستقل ودون عوائق.

وقد حظيت هذه النظرية بتأييد واسع النطاق واعتمدتها اتفاقية فيينا. وفي ذلك الوقت، تم التأكيد في الديباجة أن الهدف من منح الحصانات الدبلوماسية ليس إفادة الأفراد، بل ضمان أن مهام البعثات الدبلوماسية كممثلين من بلدانهم بشكل فعال. لذلك، فإن الغرض الأساسي من الحصانات والامتيازات هو منع المبعوثين الدبلوماسيين من اتخاذ أي إجراءات تمنعه ​​من أداء واجباته، لكن لا يمكنهم إعفائه من الالتزام بالقانون.

فإن إقامة وقطع العلاقات الدولية الدبلوماسية هو حق مطلق للبلاد؛ لأنه من أهم نتائج السيادة حيث أنها لا تلتزم أي دولة بإقامة علاقات مع دول أخرى دون موافقتها أو بالتمثيل عنها وبموافقة الدولة المعنية.

والتمثيل الدبلوماسي هو حق دولة مستقلة من حيث المبدأ، حيث يحق لها هي نفسها إرسال دبلوماسيين معتمدين (وهذا جانب إيجابي من التمثيل). ومع ذلك، حتى لو جعل واقع التبادلات الدبلوماسية شرطًا لا غنى عنه تفرضه متطلبات عصر التكامل والوحدة الوطنية، فلا يمكن لدولة واحدة أن تجبر دولة أخرى على الموافقة أو قبول ممثليها.

المصدر: القانون الدبلوماسي/علي صادق أبو هيف/1970قانون العلاقات الدبلوماسية والقنصلية/عبد العزيز محمد سرحان/1974قانون العلاقات الدبلوماسية/عبد العزيز سرحان/دار النهضة العربية/1975العلاقات الدولية وقت السلم/رمضان بن زير/1989


شارك المقالة: