كيف يكون التظهير بعد ميعاد الاستحقاق؟

اقرأ في هذا المقال


التظهير بعد ميعاد الاستحقاق:

تظل الكمبيالة قابلة للتداول حتى تاريخ استحقاقها، حيث يمكن أن تكون موضوع سلسلة من المظاهرات في الفترة ما بين إصدارها وتاريخ استحقاقها حتى تستقر في يد آخر حاملها، والذي يجب عليه بدوره تقديم الورقة إلى المدين الأصلي للوفاء بقيمته الالتزام الأخلاقي، وفي حالة عدم وفاء المدين بالوفاء، يجب على الحامل اتخاذ مجموعة من القواعد في مواعيد محددة، بما في ذلك تقديم احتجاج عدم الدفع وإخباره للمظهرين ورفع دعوى الضمان.

ولكن قد يحدث أن يأتي التاريخ دون أن يطلب الحامل قيمة الورقة التجارية ثم يصادق عليها بعد تاريخ الاستحقاق، سواء في يوم الاستحقاق نفسه أو قبل انقضاء مواعيد الإفراج عن الاحتجاج أو بعد المواعيد النهائية؛ للإفراج عن احتجاج عدم الوفاء بغير عمله أو بعد انتهاء التظاهرة في موعدها.

ومن الممكن أيضًا أن يتم تظهير الكمبيالة بعد دفعها دون أن يستردها المدين، هل تعتبر من الشروط الموضوعية التي يتخذها التظهير؟ مكان قبل تاريخ الاستحقاق؟ ما حكم التظهير الذي يقع بعد الاستحقاق؟ فهل هذا التأييد جائز وما هي دلالاته؟ أجاب القانون التجاري على هذا السؤال وقرر في المادة 400 من الإعلان التجاري المصري أن “التظهير التالي لتاريخ الاستحقاق يترتب عليه آثار التظهير السابق له، في حين أن التظهير التالي للاحتجاج على عدم الوفاء لا يترتب عليه إلا آثار التنازل على حق”.

ومن هذا يتضح أن التظهير التالي لتاريخ الاستحقاق ينقل الملكية وله نفس آثار التظهير قبل تاريخ الاستحقاق، بشرط أن يتم التظهير قبل الموعد النهائي لتقديم احتجاج عدم الوفاء وهو خلال الأربعة أيام، أو أيام العمل التي تلي يوم الاستحقاق؛ أي قبل الإفراج عن هذا الاحتجاج؛ لأن ذلك يعطي الفرصة لمن حولت إليه الفاتورة للقيام بهذا الاحتجاج، أما التظهير اللاحق للاحتجاج على عدم الدفع ، فهو لا يترتب عليه إلا آثار التنازل عن الحق ، وبالتالي لا يسري حكم تصفية الدفوع.

ويود من المشرع في القانون التجاري أن يعتبر التظهير التالي لتاريخ الاستحقاق الذي يحدث بعد صدور الاعتراض بمثابة نقل ملكية له نفس آثار التظهير قبل تاريخ الاستحقاق؛ لأن إصدار التظهير ليس احتجاجاً بالدفع: إنه ضمان لحامل الكمبيالة، حيث لا يعتبر تقصيراً، ممّا يمنحه حق الرجوع على موقعي الكمبيالة وينقيها من والتظهير بعد ميعاد الاستحقاق بعد سقوط دعوى الاحتجاج؛ لأن وقت الاحتجاج مضى دون فعل ذلك، وهو تصديق لا يعتبر مصادقة على ميعاد الاستحقاق، إنه لا يرتب نفس التأثيرات، لكن التنازل عن حق ينتج آثاره. كانت قضية التصديق بعد النضج موضع جدل كبير في الفقه والقضاء في مصر في ظل المجموعة التجارية الملغاة وفي فرنسا أيضًا.

حيث أن التجاريين الفرنسيين لم يتعرضوا لموضوع التظهير بعد تاريخ الاستحقاق، بل جاءت نصوصه المتعلقة بالتصديق وآثاره بشكل عام دون تحديد تاريخ حدوثه، وفي ضوء هذا الموقف، فإن تم تقسيم الفقه والقضاء إلى مجموعتين، هناك مجموعة من الفقه والقضاء في فرنسا توصلت إلى استنتاج مفاده أن تاريخ الاستحقاق هو نهاية عمر الورقة التجارية، وبالتالي تتوقف أحكام قانون الصرف.

ذكر تاريخ الاستحقاق في الورقة التجارية في التظهير بعد ميعاد الاستحقاق:

أن المشرع لم يشترط ذكر تاريخ الاستحقاق في الورقة التجارية، إلا كإنهاء لتداول الأوراق التجارية بالطرق التجارية ووقفًا لتطبيق أحكام قانون الصرف وكان الرد على ذلك أن تاريخ الاستحقاق، ولا يعتبر نهاية لتطبيق أحكام قانون الصرف لوجود أحكام في قانون الصرف، ولا يتم تطبيقه إلا بعد تاريخ الاستحقاق، بما في ذلك الاحتجاج على عدم الدفع و الوصفة القانونية، وإبلاغ الموقعين بالإعادة والحجز المؤقت، وكانت هناك مجموعة أخرى في الفقه أيدتها محكمة النقض الفرنسية التي ذهبت إلى أنه لا يوجد فرق بين التظهير قبل تاريخ الاستحقاق والتظهير بعده، فكلاهما من نفس الطبيعة، وتأثيراتها ونتائجها هي نفسها ينظمها قانون الصرف.

وتظل الكمبيالة محتفظة بقيمتها وقيمتها حتى بعد تاريخ الاستحقاق، وحجتهم في ذلك هي أنه لا يوجد شيء في النصوص لفهم أن المصادقة يجب أن تتم قبل تاريخ الاستحقاق من أجل ترتيب آثارها التي يحددها قانون الصرف، ويهدف تحديد المشرع لتاريخ الاستحقاق إلى التمكين مشروع القانون لأداء دوره كأداة وفاء وأداة ائتمان.

وثبت القضاء الفرنسي على هذا الاتجاه الأخير ورتب لإقراره بعد تاريخ الاستحقاق مع آثار التأييد الذي يحدث قبل تاريخ الاستحقاق وقبل ظهور دائنه المباشر. وجاء القانون الفرنسي الصادر في 30 أكتوبر 1935 م دعماً لهذا الاتجاه، وتم تعديل بعض أحكامه لتتوافق مع أحكام اتفاقيات جنيف الموحدة.

وفي مصر، ذهب قانون التجارة المختلط الصادر عام 1885 م إلى ضرورة استكمال التظهير قبل تاريخ الاستحقاق من أجل نقل الحق الثابت في الكمبيالة. وتنص المادة 140 صراحة على ما يلي: تنتقل ملكية الكمبيالة التي يخضع دفعها للإذن بالتحويل ما دام تاريخ الدفع غير محسوم وبالتالي ليس بعد تاريخ الاستحقاق ينتقل التظهير إلى الحق المحدد في الكمبيالة؛ لذلك قرر القضاء المختلط أن يتم التصديق قبل تاريخ الاستحقاق من أجل نقل الملكية.

وكان هناك طرف ثالث من القضاء المصري لدى محكمة التمييز المصرية، ذهب إلى اعتبار التظهير بعد تاريخ الاستحقاق بمثابة التظهير أمامها ونقل الملكية وترتيب الآثار ذاتها. وقد تناولت محكمة النقض المصرية هذه القضية في حكم أكدت فيه الحكم السابق وأثبت الفقه أنه لا يمكن التمييز بين التظهير الذي تم قبل الاستحقاق والتظهير التي حدثت بعد هذا التاريخ.

ولكل منهما متى توافرت شروطه الشكلية نفس الآثار القانونية من حيث نقل ملكية السند وتصفية الدفوع، وإذا كان الحكم المطعون فيه يخالف هذا المقابل، وهو حكم صادر عن محكمة المنصورة الطعن، ولخلص إلى أن التظهير الذي حدث بعد تاريخ الاستحقاق يعتبر تصديقاً بالوكالة لا ينقل السند لا ينقي الدفوع؛ لأنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، أما بالنسبة لرأي الفقه المصري، فقد ثبت على إمكانية التظهير بعد تاريخ الاستحقاق وتترتب له نفس آثار التظهير الذي تم قبل تاريخ الاستحقاق.

فالمجموعة التجارية الملغاة في ذلك الوقت، لا يمنع الاعتراف بالتصديق اللاحق في تاريخ الاستحقاق، سواء تم ذلك قبل أو بعد عمل الكمبيالة، وما إذا كان التظهير قد تم بعد وفاء المدين الأصلي الكمبيالة بقيمتها إلى الحائز الذي طالب بها دون أن يستردها منه، أو كان هذا التظهير قد تم قبل الوفاء به، بشرط ألا يثبت التظهير بعد الوفاء به سوء النية من المظهر وعلمه بالوفاء.

وأنه عند الإعلان عن الاعتراض ورفع الدعوى لا مكان للتظهير بعد ذلك، حيث يندمج الحق في الدعوى نفسها ولا يقبل التداول إلا بنقل مدني جاء القانون التجاري وقرر أن التظهير التالي لتاريخ الاستحقاق يترتب عليه آثار التظهير السابق، بينما لا يترتب على التظهير بعد الاحتجاج على عدم الدفع سوى آثار التنازل عن الحق.

ويلاحظ أن الأشخاص الذين وقعوا على الورقة التجارية قبل تاريخ الاستحقاق يستطيعون الاحتجاج على حاملها؛ وذلك من أجل الإهمال في المطالبة بقيمة الورقة في تاريخ الاستحقاق وعدم اتخاذ الإجراءات التي يفرضها القانون. أما الموقعون الذين يتابعون احتجاج عدم السداد فلا يسمح لهم ذلك؛ لأنهم هم الذين شاركوا معه في عدم المطالبة وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية في الوقت المحدد وعلموا ذلك، وله الحق في اللجوء إليهم والساحب بصفته المدين الأصلي في حالة عدم قبول المسحوب عليه.

ويعتبر التأكيد غير المؤرخ قد حدث قبل تاريخ الاستحقاق حتى يثبت خلاف ذلك. وينص القانون التجاري على أنه في المادة 400/2، “يفترض أن يكون التظهير بدون تاريخ قد حدث قبل انقضاء ميعاد الاحتجاج، ما لم يثبت خلاف ذلك”.

وقد قرر قانون جنيف الموحد صراحة في المادة 20 منه أن المصادقة التي تلي تاريخ الاستحقاق، تنقل الملكية ولها نفس آثار التصديق السابق في تاريخ الاستحقاق، بشرط أن يتم التصديق قبل التحرير من الكمبيالة أو قبل انتهاء التاريخ المحدد لإصداره، على الرغم من نص القانون التجاري.

ويعتبر أن التظهير التالي لتاريخ الاستحقاق الذي يحدث بعد الإفراج عن الاحتجاج على عدم الدفع هو نقل ملكية له نفس تأثيرات التظهير قبل تاريخ الاستحقاق؛ لأن احتجاج عدم السداد ضمان لحامل الكمبيالة، فلا يعتبر حامل الكمبيالة تهاوناً، فيعطيه حق الرجوع على موقعي الكمبيالة وتنقيتها من الدفوع.

وإذا كان سحب الكمبيالة أو تظهيرها قائماً على علاقة غير مشروعة، أو نتيجة لعملية غير مسموح بها في التشريع القانوني بين الطرف الساحب والطرف المستفيد أو بين المظهر والمظهر له، كما لو كان تحرير الكمبيالة أو تظهيرها هي تسوية لديون القمار، أو اتضح أنه لا يوجد سبب حقيقي لكتابة الفاتورة أو المصادقة عليها كما هو الحال في الكمبيالات. ولا يجوز في هذه الأحوال المجاملة الإصرار على بطلان الالتزام في مواجهة الحائز حسن النية.

وقضت محكمة النقض المصرية بأن يؤخذ في الاعتبار التظهير التأميني في حكم نقل ملكية المستند، فيما يتعلق بتخليص الورقة من الدفوع، فلا يجوز للمدين الاحتجاج بها على الأصل أو السابق الدائن، بما في ذلك الدفع لانقضاء الالتزام أو عدم وجود سببه.


شارك المقالة: