ما هو تأثير عقد العمل في حال وقوع إصابات بالعمل؟

اقرأ في هذا المقال


آثار عقد العمل بالنسبة لإصابات العمل:

يقصد بإصابة العمل هي وقوع ضرر أو حادث للعامل في مكان العمل أثناء عمله أو بسببه، وتقع مسؤولية إصابات العمل والأمراض المهنية على عاتق صاحب العمل بشكل رئيسي، وتقع هذه المسؤولية حتى لو لم يكن هناك خطأ من جانبه، حتى لو كان الخطأ من جانب العامل المصاب، إلا إذا وصل هذا الخطأ إلى مستوى الجدية أو القصد من جانب العامل.

ولا يقوم أساس مسؤولية صاحب العمل في هذه الحالة عادةً على قواعد المسؤولية التقصيرية، التي تتطلب وجود خطأ من جانب الدائن (العامل)، ولكن على أساس فكرة الأخطار أو تحمل المسؤولية وفق قاعدة “أن كل من استفاد من غنائم الشيء يتحمل عبئًا مغامرًا”، وإدراك مسؤولية صاحب العمل يترتب عليه التزامه بدفع تعويض للعامل المصاب، وهذا التعويض هو محسوبة إما وفقاً للقواعد العامة الواردة في القانون المدني المتعلقة بتقدير التعويض، أو تحسب بشكل تعسفي على أساس أجر العامل ونسبة معينة منه؛ حيث يختلف الأمر حول ما إذا كانت الدولة التي حدثت فيها إصابة العمل تطبق مبدأ التأمين الاجتماعي في التعويض أم لا.

إصابات العمل في الأنظمة التي لا تأخذ بالتأمينات الاجتماعية:

إذا كان قانون بلد تنفيذ العمل لا يأخذ في الاعتبار نظام التأمين الاجتماعي، ففي هذه الحالة يتم تطبيق قانون عقد العمل على قضية الإصابة على أساس أن المسؤولية في هذا الافتراض، وهي مسؤولية تعاقدية كما هي مبنية على العقد نفسه، حيث أن العقد ينشئ التزامًا على صاحب العمل بضمان سلامة العامل من إصابات العمل، وبالتالي فإن الالتزام حسب مؤيدي هذا الرأي، يجد أساسه في عقد العمل نفسه، وهو ما يبرر ذلك تقديمها لقانون العقد.

إلا أن آخرين يرفضون هذا الرأي ويعتبرون أن المسؤولية عن حوادث العمل لا تستند إلى العقد، بل على أساس القانون القائم على مبدأ تحمل المسؤولية؛ لذلك، يجب أن تخضع هذه القضية لقانون مكان الإصابة أو الحادث، مقارنةً بحلول النزاع بشأن المسؤولية الناشئة عن الالتزامات غير التعاقدية، التي تخضع لقانون الدولة التي أدى فيها الحادث وقع الالتزام.

وتجدر الإشارة إلى أن الخلاف بين الرأيين المذكورين يخلو من أي أهمية؛ لأن القانون الذي يحكم عقد العمل هو قانون مكان التنفيذ، وفي هذا المكان تحدث الإصابة أو الحادث عادةً، وبالتالي فإن القانون هو الذي سيحدث يحكم الأمر قانون مكان تنفيذ العمل، وهذا ما يستجيب بشكل طبيعي فالحالة ترجع إلى القواعد الآمرة السائدة في ذلك المكان.

إصابات العمل في الأنظمة الخاصة بالتأمينات الاجتماعية:

بالنسبة للدول التي تتبنى نظام التأمينات الاجتماعية في تعويض إصابات العمل، كما هو الحال في فرنسا وألمانيا، فقد تثار هذه القضية فيما يتعلق ببعض الصعوبات، حيث يتم دفع تعويضات للعامل المصاب من خلال مؤسسة عامة في الدولة، ممّا يعني أن موضوع التعويض عن الأضرار يخضع لقواعد القانون العام، الأمر الذي أثار جدلاً في الفقه حول جواز تطبيق القاضي الوطني لقواعد القانون العام الأجنبي المتعلقة بالتعويض.

وفيما يتعلق بهذه المسألة، إن قانون الضمان الاجتماعي الأجنبي يجب أن يطبق من قبل القاضي الوطني، إذا كان تطبيق هذا القانون ضروريًا لتسوية النزاع. وغالبًا ما يؤدي هذا الحل إلى إمكانية تنفيذ الحكم الصادر في القضية من هيئة التأمينات الاجتماعية الأجنبية في بلد تنفيذ العمل، حيث صدر وفقًا لإرادة مشرعها بناءً على نهج واحد.

ووفقًا للقواعد القانونية السائدة، يستنتج ممّا تقدم أن المطالبة بالتعويض عن إصابات العمل وما يتعلق بها تحدد ظروف الإصابة وتحدد نطاق التعويض، يخضع بشكل عام لقانون مكان التنفيذ، وهو القانون المختص بموجب عقد العمل، وبغض النظر عن النظام المتبع في دولة العمل، أي ما إذا كان التعويض يتم وفقًا لهيئة التأمينات الاجتماعية نظام أو تحت أي نظام آخر هذا الحل هو الأقرب إلى الحقيقة، حيث يتناسب مع الوحدة المطلوبة لحل النزاع فيما يتعلق بعقد العمل، كما أنه يستجيب للاعتبارات السائدة في بلد التنفيذ.

ما هي التزامات صاحب العمل؟

الالتزام الرئيسي لصاحب العمل هو التزامه بسداد الأجر المتفق عليه للعامل في عقد العمل. ويلاحظ في هذا المضمون أن هذا الموضوع على ارتباط وثيق بقواعد العمل التنظيمية؛ لأن الأحكام التي تنظمها هي أحكام قطعية ونظام عام؛ حيث أنها من الأشياء التي تؤثر على حياة العامل ومعيشته؛ لذلك فهي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمنطقة التي يتم فيها تنفيذ العمل.

وبالتالي فهي تخضع لقانون هذا المكان، وهو القانون المختص بحكم القانون. ويدعم هذا الاعتبار أيضًا حقيقة أن قانون هذا المكان يسهل على الدائنين إجراءات التنفيذ الإجباري والاستيلاء على الأجر، وهذا يتطلب بطبيعة الحال تدخل مسؤولي السلطة العامة في البلد الذي يتم فيه التنفيذ.


شارك المقالة: