ما هي مكونات النظام القانوني لدين أجر العامل؟

اقرأ في هذا المقال


مكونات النظام القانوني لدين أجر العامل:

تتطلب دراسة النظام القانوني للدين الأجر، البحث في القواعد المرتبطة بهذا الدين، التي تميزه عن الديون الأخرى، والتي تعتبر جانباً أساسياً لحماية حق العامل في الأجر، لتمكينه من الحصول على ما يكفي لتغطية ضروراته معيشة.

أولاً: ضمانات الوفاء لأجر العامل:

إذا تأكد المشرع من القواعد المنظمة لصرف الأجور، أن العامل يتقاضى أجره في مواعيد منتظمة وبقيمته الحقيقية دون أي نقصان، فإن هذا لا يكفي لتجنيبه مخاطر من نوع آخر قد يتعرض لها أجره، عندما يكون صاحب المنشأة غير قادر تمامًا على تحقيق ذلك، أو عندما يصبح الجانب السيء من مسؤوليته المالية أكبر من الجانب الحسن، حيث تتجمع ديون دائني صاحب المنشأة معًا، بما في ذلك ديون موظفيه، ويتعرض الأخرون في احتمال خسارة أجورهم المستحقة لصاحب المنشأة .

وأمام هذا الخطر قد يضطر المشرع القانوني إلى وضع قواعد خاصة لحماية أجور الموظفين في هذه الحالة، ولهذا يجد ضمانات خاصة لمواجهة الأجور، وأهمها: الترخيص العام للرواتب، والترخيص المحدد لموظف المقاول الأصلي والمقاول من الباطن.

ثانياً: القواعد المنظمة للوفاء بأجر العامل:

الوفاء الدوري لأجر العامل:

تنص القواعد العامة على أنه يجوز لطرفي عقد العمل تحديد المواعيد التي يتفقون عليها لدفع الأجور، وإذا أهملوا ذلك، يتم تطبيق العادات والتقاليد المعمول بها، لكن المشرع يحد من حرية كلا أطراف عقد العمل، حيث يحدد قانون العمل أوقات سداد الأجور، والتي تعتبر من القواعد الضرورية التي لا يجوز تجاوزها.

حيث أن المادة 42 من “قانون العمل” على أحكام موحدة بشأن موعد دفع الأجور، نصت على ما يلي: تُدفع الأجور اليومية والأسبوعية والشهرية وفق أحكام المادة 45 من القانون الملغى، كما يجب دفع الأجور إلى العمال المعنيين، وتدفع الأجور مرة واحدة في الشهر.

ومن ناحية أخرى، تجاهل المشرعون أحكام شروط دفع الأجور عندما يتم احتساب الأجور على أساس الإنتاج أو عدد القطع؛ لأنها قد تكون عملاً في الطبيعة، قد يتجاوز وقت إنتاج العمل شهرًا واحدًا مخالفة للقواعد المذكورة في نصوص القانون غير مسموح بها؛ لأنها جزء من النظام العام؛ لذلك لا يجوز الموافقة على دفع أجر أكثر من شهر.

أهلية قبض أجر العامل:

تنص قواعد القانون المدني على أن الأداء يكون للدائن أو من ينوب عنه، وإذا كان الأداء لشخص آخر، ما لم يعترف الدائن بالأداء، فلا يمكن إبراء ذمة المدين. وتؤكد الفقرة الأولى من المادة 49 من قانون العمل على أن أحكام القانون المدني التي تنص على دفع الأجر للعامل أو وكيله تقتضي فعالية السداد، أن يكون الدائن مؤهلاً لسداد الدين، وإذا كان الدائن قاصراً، فيجب تصفية الدين لولي الأمر أو من ينوب عنه قانونا وفقاً لأحكام القانون المدني.

أما قسم الوصي، فهو استثناء من القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة (383) والتي تنص على أن القاصرون يتقاضون أجورهم بأنفسهم والرسوم المدفوعة سارية المفعول. وأكدت الفقرة الثانية من المادة 49 من قانون العمل هذا النص، حيث نصت على أن تدفع أجور العمال مباشرة، مع إعفاء صاحب العمل من المسؤولية.

وسيلة الوفاء أجر العامل:

تتطلب القواعد العامة للدفع من العمال قبول أي شكل من أشكال المقابل بدلاً من الأجور، لكن تشريعات العمل المعاصرة تحظر العمل الذي تطلبه القواعد العامة للأجور، وفي هذا الصدد طالب المشرعون بترك إرث، ويشترط دفع الأجور بالعملة ويحظر على أرباب العمل تقييد حرية تنقل العمال، وحرية العمال في التصرف في الأجور، أو إجباره على الشراء من متاجر معينة.

ويضمن المشرعون حصول العمال على أجورهم من خلال إجبار أصحاب العمل على دفع أجور العمال بعملة متداولة قانونًا، ممّا يسمح له بالتخلص من الأجور عند استلامها لتغطية نفقات المعيشة، مثل ما قد يعاني منه إذا تم الدفع له بعملة أجنبية متفق عليها خسارة، هو تحمل مخاطر تحويلها إلى العملة المحلية.

حيث أن هذا الاستبدال قد ينتج عنه انخفاض في مقدار الأجر الذي يتقاضاه في النهاية، بالإضافة إلى حقيقة أن الدفع النقدي يسمح للعامل بالتحقق من مقدار الأجر الذي يتقاضاه من صاحب العمل عند الاستلام. ولا يعني ذلك وجوب دفع الأجور بالعملة المتداولة قانونًا. يحرم الاتفاق على أن تكون الأجور كلها أو بعضها عينية، بل المراد بالنص منع الدفع بغير النقود بأجر متفق عليه، من البداية يتم دفعه نقدًا.

كما أن المشرعين الذين يحظرون على أصحاب الأعمال إجبار عمالهم على الشراء من متاجر معينة، يستندون أيضًا إلى سبب وجوب دفع أجورهم نقدًا؛ لأن استخدام الأساليب المحظورة من قبل أصحاب الأعمال يعني في النهاية دفع الأجور مباشرة بدون نقود، لكن هذا الحظر لا ينطبق على المشتريات الطوعية؛ لأن العمال يمكنهم شراء المنتجات من أصحاب العمل دون انتهاك القانون.

وقواعد دفع الأجور نابعة من النظام العام، وينتج عن مخالفته عدم الدفع، وبالتالي لا يتحمل أرباب العمل مسؤولية دفع الأجور بعملات غير العملة المحلية والتزام المدين بدفع عملات وأموال أخرى. ومخالفة هذه اللوائح يعاقب صاحب العمل بالعقوبة المنصوص عليها في المادة (53) من قانون العمل، أي غرامة مالية بحسب قانون العمل المحلي .

إثبات وفاء أجر العامل:

نظم القانون في المادة (52) طريقة إثبات دفع الأجور، حيث تم اعتماد سجل الأجور كوسيلة وحيدة لإثبات هذا الدفع. ونظمت الفقرة الأولى من هذه المادة أحكام هذا المحضر بذكر:

  • على صاحب العمل الاحتفاظ بسجل للأجور يتضمن فيه تفاصيل أجور العامل والخصومات التي تحققت منه وصافي الأجر المدفوع له.
  • يجب أن يكون هذا السجل خاليًا من أي فراغات أو تقاطعات أو حشوات.
  • يخضع سجل الأجور لرقابة مفتشي العمل.

وتنص الفقرة (ثانياً) من هذه المادة على أنه لا يُعفى صاحب العمل من دين الأجر إلا بالتوقيع في سجل الرواتب، ولا يعتبر توقيعه على السجل دون اعتراض تنازلاً عن أي من أجر ويتضح من النص أعلاه أن المشرع:

  • وضع في يد الموظف وسيلة للتحقق من طريقة احتساب أجره بإدراج تفاصيل الأجر والخصومات في السجل.
  • يستخدم توقيع الموظف في السجل كدليل على استلام أجره.
  • يعتبر توقيع العامل إقراراً باستلام المبلغ الصافي المقيّد بالسجل مع الاحتفاظ بحقه في المطالبة بأي مبلغ يراه مستحق الدفع، وهذا ما يستدل عليه من النص بالنسبة توقيعه فيه دون اعتراض إلى المفردات، لا يعتبر تنازلاً عن أي حق من حقوقه.

لكن يهدف قانون العمل بالنسبة للأجور إلى عدم إعطاء سجل الأجور نموذجًا خاصًا، بحيث لا يجوز نقله إلى الآخرين، ومما يدفع إلى ذلك، وهو ضرورة تسهيل التعامل من خلال إتاحة الفرصة لأصحاب العمل لاستخدامه آليًا من ماكينات لحسابات والتكنولوجيا الحديثة في أنظمة دفع الأجور.

مكان  الوفاء أجر  العامل وأوقاته:

تشترط المادة 42 أولاً دفع أجر العامل في أحد أيام العمل، وفي مكان عمله، أو في مركز دفع قريب. والغرض من المشرع هو النص على وجوب دفع الأجور في مكان العمل لتسهيل العمال، حتى لا يضطر العمال إلى تحمل صعوبات ومصاريف الانتقال إلى مكان آخر لتلقي الأجر.

أما لغرض الدفع الإجباري للأجور في أحد أيام العمل، فهو منع دفع الأجور في أيام الراحة النظامية أو المتفق عليها للعمال، حتى لا يتحمل العمال صعوبة الذهاب إلى مكان العمل من أجل الحصول على راتبه. ودفع الأجور في مكان العمل أو خارج يوم العمل يمكن أن يعفي صاحب العمل من المسؤولية، لكنه يعرضه لعقوبات جنائية بموجب المادة (53) من القانون.

المصدر: نقض مدني مصري رقم 259 لسنة 23 ق في 28 نوفمبر 1957،مجموعة النقض المدني س8ع 3ص 842قانون العمل ،باريس 1973 ص199، محمود جمال الدين زكي ،الوجيز في قانون العمل ،القاهرة 1960ص34محمد لبيب شنب ،شرح قانون العمل ،ط3،القاهرة سنة 1976 ص329 نقض مدني مصري رقم 583 لسنة 35 ق في 8 ديسمبر 1960 ،مجموعة النقض المدني ص11ع3 ص613


شارك المقالة: