ما هي طبيعة الرقابة على القيمة الذاتية للسبب؟

اقرأ في هذا المقال


طبيعة الرقابة على القيمة الذاتية للسبب:

أولاً: السيطرة على القيمة الجوهرية للسبب لم تعد سيطرة شرعية:

يعتقد أنصار هذا الاتجاه أنه عندما يفحص القاضي الوجود المادي للحقائق وتكييفها القانوني، فإنه يظل ضمن مهمته للإشراف على الشرعية، ولكن عندما يراقب ويدرس قيمة الأسباب، فإنه ينزلق إلى الرقابة المناسبة، وهكذا يؤسس نفسه كسلطة رئاسية عليا للإدارة.

وقد برر البعض استثناء قرارات الرقابة وإخضاعها للرقابة المناسبة يجد ما يبرره في الرغبة الراسخة للقضاء  في تحقيق ضمان لحقوق العمال وحرياتهم؛ لذلك فإن سلوك مجلس الدولة فيما يتعلق بقرارات الرقابة الإدارية المحلية لا يتم تفسيره بأي اعتبارات قانونية، ولكن يتم تبريره من خلال اعتبارات عملية تتعلق بكامل أن السلطات المحلية كسلطات منتخبة، فغالبًا ما تدفعهم الظروف المحلية إلى إساءة استخدام سلطتهم من أجل إرضاء جمهور الناخبين وتوجهات الرأي العام المحلي، حتى وإن كان ذلك على حساب الحريات العامة في بعض الأحيان.

فإن الرقابة التي يمارسها القاضي على الأسباب، من حيث أهمية السبب وخطورته وضرورة توافقه مع تدبير الرقابة الذي يجب أن يكون فعالاً ومناسباً، هو في صميم عمل الإدارة من حيث المبدأ، حيث تعرف سلطة الرقابة الإدارية وقت تدخلها ومناسبات هذا التدخل وطريقة تدخلها عندما يأتي القاضي الإداري في وقت لاحق ويراجع ويفحص ظروف وأسباب اتخاذ القرار، وما إذا كانت إجراءات الرقابة متناسبة مع الخطر، فإنه يمارس الرقابة المناسبة، وبالتالي يبتعد عن رقابة الشرعية.

ثانياً: الإشراف القانوني:

يعتقد أصحاب هذا الرأي أو التوجيه أن السيطرة على قيمة الأسباب قد تكون في بعض الأحيان رقابة مشروعة، وعلى هذا الأساس يفرق بين نوعين من قرارات الرقابة الإدارية التي يفرق فيها بين قرارات الرقابة التي يوجد فيها ارتباط بين الشرعية والملاءمة وغيرها التي لا علاقة لها، وبناء على هذا التمييز نجد نوعين من قرارات الرقابة الإدارية:

  • قرارات الرقابة الإدارية التي لا تكون ملاءمتها شرطا للشرعية هناك استقلال تام بين الفكرتين، وهذه القرارات شرعية حتى لو كانت غير مناسبة. وبالتالي، فإن الإشراف على قيمة الأسباب التي تأخذ طبيعة السيطرة المناسبة لا علاقة له بالشرعية، وبالتالي يستنتج أن القاضي لا يمكنه مراقبة قيمة الأسباب في هذه القرارات من وجهة نظر الشرعية.
  • قرارات الرقابة الإدارية التي يكون فيها الملاءمة شرطا للشرعية، ولا تكون هذه القرارات شرعية ما لم يكن هناك عنصر من الملاءمة، أما النوع الثاني من القرارات فيتعلق بالأنشطة الأساسية للعمال التي يحميها الدستور التشريعي.

وبالتالي، فإن حماية بعض الحريات الأساسية التي تسمى الحريات “المحدودة” أو “المسماة”، مثل حرية الفكر والمعتقد، وحرية عقد الاجتماعات في هذه الحالات لا يمكن لسلطات الرقابة الإدارية المساس بهذه الحريات إلا في حالة الضرورة.

أما عكس ذلك فهي تتعارض مع إرادة المشرع أو إرادة الدستور. وفي الأساس، يفحص القاضي قيمة الأسباب من حيث خطورتها ومن حيث ملاءمة الإجراء مع الظروف التي تم فيها اتخاذ القرار ومن ثم فهو يرصد الملاءمة كشرط للشرعية، أي البحث في قضية قانونية تتمثل في الشروط القانونية لتقييد هذه الحريات التي يكفلها القانون، يمكن وصف هذا التحكم بأنه سيطرة شرعية على القيمة الجوهرية للأسباب.

والفئة الأولى تنطبق على الأنشطة ذات القيمة المنخفضة والتي لا يتم تنظيمها على وجه التحديد من قبل الهيئة التشريعية أو الدستور، وأسباب تدخل سلطات الرقابة الإدارية قليلة القيمة ومحدودة، والقرارات المتعلقة بها لا تتطلب عوامل ملائمة لتكون قانونية. ولا يضمن المشرع حرية التظاهر والمسيرات على الطرق العامة إذا حظرت الدائرة الإدارية التظاهرات على الطرق العامة، وإذا أوضحت الحقائق الرئيسية القرار، فسوف تطرح أسئلة على أساس فهم المنع.

لذلك فالإشراف ليس إشرافًا؛ لأن القانون متروك للسلطات الرقابة الإدارية. واتخاذ القرارات بناءً على ما تراه مناسبًا بناءً على أسباب تشكل انتهاكًا للنظام العام عندما يتحكم القضاء في القيمة الجوهرية للسبب، فإنه سيمارس السيطرة المناسبة؛ لأن عنصر الملاءمة لا علاقة له بشرعية القرار.

وعلى عكس النوع الأول من الحرية المعرفية، هناك صلة بين عنصر الملاءمة والشرعية، في ضوء هذا النوع من التمييز، قدم مؤيدو هذا الاتجاه آرائهم إلينا حول الطبيعة الضابطة للقيمة الذاتية للقضية، لكنهم لم يميزوا بين الأنشطة التي تشكل الحرية الأساسية المعروفة والمحددة والأنشطة ذات القيمة المنخفضة.


شارك المقالة: