أهم الروافد الحضارية للعمائر الإسلامية

اقرأ في هذا المقال


الرافد الصيني للحضارة الإسلامية:

كان لاتصال المسلمين بالصين بل والاستيطان والدعوة فيها بسبب النشاط التجاري القديم والقوي بينهما أثر يظهر في العمارة الإسلامية الشرقية، ويتضح فيه فنون الزخرف والمشهورة بالخطاوية، حيث نشأت في إقليم الخطأ بتركستان الشرقية، والذي يعرف خطاً بزخرف (Hatay)، وما لبث الفنان المسلم أن طورها وأضاف زهرة السوس والقرنفل والأوراق النباتية وخاصة الرمحية المسننة.

ويبدو الأثر الصيني واضحاً في عمارة المساجد في الصين، حيث تشبه المعابد الصينية وهي بلا مئذنة، ويبدو لكل من زار بلاد الملايو الأثر المعماري الصيني على العمارة الإسلامية هناك، خاصة بعد امتداد النفوذ الصيني إليها زمن أسرة مينج الحاكمة في القرن الرابع عشر، وكما يبدو في مسجد سعيد نعوم في جاكرتا.

الرافد القبطي للعمارة الإسلامية:

كان لفن النسيج والحفر في الخشب والعاج والتحف المعدنية أثر في الفن الإسلامي، وقد لعب الفن القبطي دور الوسيط والناقل من الفن الفرعوني، حيث حمل نزعته الرمزية الهندسية التجريدية، والتي نتجت من إدراكه لعلاقة النيل والأرض، وكان لضيق مساحة الأرض على جانبي النيل دور في تعلم المصري القديم للمساحة وفن الهندسة.

وكان لرتابة العلاقة الموسمية للنيل بمصر من فيضان وتحاريق دور في إيمان المصري بالخلود ومن ثم إنشاء عمائر خالدة وفن زخرفي رمزي يقوم على البساطة والتجريد وقيم عالية من الاتزان والإبداع في الرسوم والنقوش الجدارية، والتي لم يعتمد فيها على معالجة الخطوط فقط، وإنما اعتمد أيضاً على توزيع المساحات والقيم الضوئية، سابقاً بذلك جميع الحضارات ومرتقياً لمستوى فن تشكيلي بحيث يسيطر فيه وبه على كل خط وسطح.

ورغم كل ما سبق ذكره من روافد حضارية أثرت على العمارة الإسلامية إلا أنها لم تأسرها ولم تلدها، فالعمارة الإسلامية ابن شرعي للإسلام لم ينشأ عن مثال سبق، ويشهد على هذا المسجد النبوي الشريف وعمارته، فهو طراز لم يسبق بمثيل حيث تتجلى فيه الخصائص العامة للعمارة الإسلامية من بيئية ووظيفية وجمالية مرتكزة على الزهد والحكمة والتقوى، وما يهمنا هنا أن المسجد كان طرازاً مبتكراً تسجد في الفناء المركزي المحاط بالأورقة ومنها تتفرع الشوارع عبر بوابات المسجد، وهو بهذا يمثل قلب المدينة الإسلامية وتاج العمارة الإسلامية.


شارك المقالة: