من الصعوبة التعرف على التخطيط الداخلي التفصيلي الذي اتخذته القلعة، إلا أنه من خلال المعاينة الميدانية لأكوام الكتل البنائية الباقية يمكن الحديث عن وجود وحدات معمارية في الجهات الثلاث: الشمالية والجنوبية والشرقية، وبما أن القلعة كانت مركزاً لإدارة مدينة حيس والقرى التابعة لها، فمن المرجح أنها كانت تضم حجرات متعددة الوظائف كغيرها من قلاع مدن تهامة الداخلية التي كانت تعتبر مجمعات حكومية ومراكز عسكرية في الوقت نفسه، قلعة حيس كانت تضم سكناً لحاكم المدينة وحجرات تستخدم لمبيت الجند وأخرى للتخزين والضيافة والقضاء وغيرها من الإدارات الحكومية التي كانت تشغلها.
عمارة قلعة حيس
تضم قلعة حيس أثناء إعداد الدراسة الميدانية لها أربعة أبراج؛ الأول يقع في الركن الشمالي الغربي والثاني في الركن الشمالي الشرقي والثالث في الركن الجنوبي الشرقي والرابع في الركن الجنوبي الغربي، فالبرجان الأول والثالث مساحتهما كبيرتان وكانا يستخدمان لإطلاق قذائف المدفعية، أما البرج الثاني فهو صغير المساحة يبلغ محيطه من الخارج نحو (9م) ولم يتبق منه سوى أساسه، والبرج الرابع لم يتضح الشكل المعماري العام له بسبب انهيار الجدران التي غطت المساحة المحيطة به.
ويتألف كل من البرجين الشمالي الغربي والجنوبي الشرقي من قاعدة مستديرة محدبة يعلوها جدار ساتر تهدم معظمه وما تزال بقايا ثلاثة عناصر دفاعية تتخلل كل منهما، وهي فتحات المدافع وفتحات البنادق ومزاغل مائلة إلى الأسفل يمكن أن تستخدم كسقاطات غير بارزة.
وقد أتبع في بناء البرجين المذكورين أسلوب واحد، حيث تتكون قاعدة كل منهما من جدار مستدير أنشئ من مادة الآجر يبلغ ارتفاعه نحو (5م) وسمكه (90سم) به تقويس في نهايته نحو الداخل، أما مساحته الداخلية فقد ردمت بالتراب وقطع الحجارة غير المشّذبة وكسرات الآجر، وذلك لأجل تحمل الاهتزاز الناتج من إطلاق قذائف المدفعية ثم كسيت بطبقة من مادة النورة الكدري ويبدو أنها تمت في الفترة الأخيرة من استخدام القلعة والتي لم تعد تستخدم فيها المدافع.
ويلي قاعدة البرج جدار ساتر يبلغ سمكه (50سم)، تعرض الجزء العلوي منه للتهدم ولذا تصعب معرفة ارتفاعه، ولكن بمقارنته مع الجدران الساترة في أبراج المدافع في القلاع التي تضمنتها الدراسة يمكن القول أن ارتفاعه لا يتجاوز (1.5م)، إن التصميم العام لبرجي المدافع المذكورين، وكذا العناصر الدفاعية التي تتخلل جدارهما الساتر تشبه أبراج المدافع في القلاع التي أنشئت في المدن الكبرى بسهل تهامة، وهذا الأمر يؤكد لنا بأن تقنية بناء أبراج المدافع في قلاع سهل تهامة متشابهة جداً، ولذا فمن المرجح بأن جميعها ترجع إلى مرحلة تاريخية واحدة ولأننا لم نجد أمثلة – خارج سهل تهامة مشابهة لهذا التصميم يمكننا القول إن العمارة الدفاعية في تهامة انفردت بهذا الأسلوب من بناء أبراج المدافع.
كما أن الواجهة الشرقية في الوقت الراهن متهدمة ويلاحظ على ما تبقى منها وخاصة في الجزء السفلي وجود فتحة واسعة تقع في مكان متوسط تقريباً، حيث يذكر أبناء مدينة حيس أنها كانت تمثل البوابة الرئيسية للقلعة، ومن خلال صورة فوتوغرافية قديمة التقطت للقلعة تأكد لنا بأنها كانت موقعاً لبوابة تضم مدخلاً معقوداً تكتنفه من الجهتين حجرتان صغيرتان للحراسة.
محاولة لإعادة وضع تصميم للقلعة
بعد محاولة وصف ما تبقى من عناصر معمارية ودفاعية في قلعة حيس ومقارنة بعضها بما وجد في قلاع المدن الداخلية بتهامة التي تضمنتها الدراسة كقلعة بيت الققيه والزيدية والزُهرة نستطيع وضع تصميم مقترح للشكل الذي كانت تتخذه القلعة قبل تهدم مرافقها الداخلية.
إن الإطار الخارجي للقلعة ما يزال ظاهراً ولذا فقد اتخذت القلعة شكلاً شبه منحرف يقع في كل زاوية من أركانها الأربعة برج دفاعي الشمالي الغربي والجنوبي الشرقي كانا أبراج مدافع، أما البرج الشمالي الشرقي فصغير المساحة ويتخذ الشكل المستدير وبجانبه من الجهة الشمالية كتلة بناء بارزة نحو خارج القلعة يمكن أن تحمل فوقها أحد المراقب.
أما الزاوية الجنوبية الغربية فمن المرجح أنها كانت تضم برجاً دفاعياً اتخذ شكلاً مستديراً، وذلك اعتماداً على المعاينة الميدانية للموقع وبحسب بقايا بعض أساسات الجدران الداخلية لوحدات القلعة يمكن القول أن المنشآت الداخلية للقلعة تتوزع كالآتي: البوابة الرئيسية وتقع في منتصف الواجهة الشرقية تقريباً وعلى جانبيها حجرتان للجند كما تطل على فناء القلعة المكشوف من الجهات الأربع وحدات القلعة.