على مدى العقد الماضي سيطر الحديث عن ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ على الأحداث والمؤتمرات الكبرى، حيث قام بعض السياسيون والقادة العالميون بحملات تحت فكرة المساعدة في مكافحة قضايا الاحتباس الحراري، وعلى هذا النحو كان التشجير هو أحد أكثر الأساليب التي يتم الحديث عنها للتعامل مع هذه الظاهرة.
ما هو التشجير؟
هو عبارة عن عملية تحويل الأرض الجرداء أو المزروعة إلى غابات، حيث تشير إلى زرع البذور أو غرس الأشجار في منطقة لا تحتوي على أشجار لإنشاء غابة، ومع ذلك لا ينبغي الخلط بين عملية التشجير وإعادة التشجير، حيث تشير إعادة التشجير إلى زراعة الأشجار في أرض بها عدد متناقص من الأشجار.
ما هي أهمية التشجير؟
- توفير مصدر بديل لمنتجات الأشجار: في عالم اليوم أن معدل نمو الأشجار بشكل طبيعي في الغابات أبطأ بكثير من معدل قطع الأشجار في الغابات للإنتاج، حيث أدى الطلب المتزايد على منتجات الأشجار إلى الضغط على الغابات، مما أدى إلى إزالة الغابات، وهنا يساعد التشجير في تخفيف الضغط على الغابات الطبيعية من خلال توفير مصدر بديل لمنتجات الأشجار.
- زيادة المعروض من الأشجار التي يرتفع الطلب عليها: في العالم التجاري بشكل عام يكون الطلب مرتفعًا عادة على نوع معين من الأشجار، وهنا يسمح التشجير لأصحاب المزارع بزراعة نوع الأشجار التي يطلبونها، مما يعزز الانتشار السريع لأنواع معينة من الأشجار، كما أن إدخال إمدادات جديدة من الأشجار على سبيل المثال يمكن أن يساعد في استقرار الصناعة المنزلية، مما يؤدي إلى استقرار الأسعار وموثوقية الأعمال.
- الفوائد البيئية: عادةً ما تكون زراعة بعض الأشجار في أرض جرداء في بعض الأحيان أكثر فائدة من زراعة الأشجار في غابة مستنفدة، حيث تساعد زراعة هذه الأشجار في غابات مستنفدة على استعادة النظام البيئي لهذه المنطقة، كما أن غرس الأشجار ايضًا في أرض قاحلة يساعد على إنشاء نظام بيئي جديد، وهنا استخدمت معظم الحكومات والمؤسسات التشجير؛ وذلك للمساعدة في إعادة المناطق القاحلة وشبه القاحلة إلى مناطق منتجة، كما أنه يساعد في تحسين مظهر الأراضي القاحلة إلى المناطق الخلابة.
- إضافة القيمة: من الطرق السهلة لتحويل أرض قاحلة إلى أرض مزدهرة هي زراعة الأشجار فيها، حيث أن الأرض بوجود الأشجار تكون أكثر جاذبية وقيمة من الأرض القاحلة، وسواء كان المرء يسعى لتطوير أو بيع الممتلكات، فإن زراعة الأشجار هي طريقة مؤكدة لزيادة قيمة العقار.
ما هي مزايا التشجير؟
- تحسين مستجمعات المياه: بدون مياه نظيفة لا يمكن للأرض أن تدعم الأرواح، حيث يعتمد البشر والحيوانات على المياه النظيفة من أجل بقائهم ومن ثم الحاجة إلى حماية مستجمعات المياه، وعلى الرغم من أن معظم الجهود تهدف إلى استعادة مستجمعات المياه الحالية، فإن التشجير يلعب دورًا رئيسيًا في إنشاء مستجمعات المياه الجديدة.
كما تحتوي الأماكن التي بها غابات على العديد من مصادر المياه على عكس الأماكن الخالية من الأشجار، حيث تعتمد في الغالب على الحفاظ على مياه الفيضانات، كما يمكن أن يساعد التشجير في تحسين مستجمعات المياه في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، كما تساعد الأشجار ايضًا في جلب المزيد من الأمطار إلى المنطقة، حيث تضمن الأشجار أيضًا الاحتفاظ بالمياه بشكل أفضل في التربة، مما يؤدي إلى تحسين منسوب المياه الجوفية. - يمنع تآكل التربة: إن تآكل التربة هي مشكلة شائعة في الأراضي القاحلة، حيث تشهد هذه الأراضي القاحلة عادةً رياحًا قوية تحمل جزيئات كبيرة من التربة، مما يؤدي إلى تآكل التربة مع التأثير سلبًا على جودة الهواء، وخير مثال على ذلك هو وعاء الغبار الذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالزراعة المكثفة والمساحات الشاسعة من الأراضي القاحلة.
كما تتعرض الأراضي القاحلة للكوارث الطبيعية مثل الفيضانات عند هطول الأمطار، مما قد يؤدي إلى نقل التربة السطحية إلى الأنهار وربما مصادر المياه في المنطقة، وهنا يساعد التشجير على معالجة جميع قضايا تآكل التربة والأراضي القاحلة في نفس الوقت. - استقرار المناخ: تعتبر زراعة الأشجار طريقة مجربة لتحويل المناطق القاحلة وشبه القاحلة، حيث تتعرض هذه الأماكن التي يوجد بها المزيد من الأشجار لأمطار بشكل مستمر، وبالتالي فإن زراعة الأشجار بشكل عام تعتبر طريقة مثالية لتحقيق الاستقرار في المناخ، كما تؤدي زراعة الكثير من الأشجار أيضًا إلى تخفيف تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، مما يمنع درجات الحرارة المرتفعة؛ باعتبارها مكيفات الهواء الطبيعية الوحيدة في العالم.
- جودة هواء أفضل: تلعب الأشجار دورًا مهمًا في تنقية الهواء، حيث أن الناس في المناطق التي بها أشجار يكونون أقل عرضة للمعاناة من الظروف الجوية، حيث تنقي الأشجار ثاني أكسيد الكربون وتوفر الأكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي، فعلى سبيل المثال في العقود القليلة الماضية كان الناس ينتجون المزيد من ثاني أكسيد الكربون من خلال أنشطتهم مثل: القيادة وحرق الأحافير والأنشطة الصناعية، مما أدى إلى زيادة ثاني أكسيد الكربون في الهواء.
وبالإضافة إلى إنتاج ثاني أكسيد الكربون أدت ايضًا الأنشطة البشرية مثل البناء إلى تناقص الغابات، وقد أدى عدم التوازن إلى المزيد من السموم في الهواء، وبالإضافة إلى ثاني أكسيد الكربون وانبعاثات الدفيئة فإن هذه الأنشطة البشرية مثل البناء والقيادة تخلق جزيئات الغبار في الهواء التي تؤثر على جودة الهواء، وهنا لا تنقي الأشجار ثاني أكسيد الكربون فحسب بل إنها تنقي أيضًا انبعاثات الدفيئة. - المحافظة على الحياة الفطرية: عندما تتضاءل الغابات ستتضاءل الحياة البرية أيضًا، حيث تعاني الحيوانات البرية أكثر من غيرها عندما يغزو البشر الغابات وموائلها الأخرى، واليوم كانت معظم الأماكن التي بنى فيها البشر مدنًا وعقاراتًا كانت أماكن رعي وسكنى للحياة البرية، ومع استمرار الأنشطة البشرية في التوسع تضاءل عدد الأحياء البرية التي تعيش في مناطق غير محمية.
وعلاوة على ذلك ما لم يتم اتخاذ تدابير صارمة فإن معظم هذه الحيوانات سوف تنقرض، وهنا يساعد التشجير على ضمان وجود غابات كافية للحياة البرية لتزدهر فيها، حيث أن تلك الحيوانات التي دفعت من موائلها الطبيعية من خلال الأنشطة البشرية يمكن أن تنتقل إلى الغابات الجديدة، ولهذا السبب يمكن أن يساعد التشجير في حماية الحيوانات البرية. - توفير العمالة والفرص الاقتصادية: في صناعة البناء تعتبر منتجات الأخشاب مكونات أساسية لكل مبنى، ومع ذلك قبل أن تصبح جاهزة للاستخدام النهائي في موقع البناء فإنها تخضع لمعالجة مفصلة، فعلى سبيل المثال قبل استخدام الألواح الصلبة في بناء الأدراج يجب معالجتها من الأخشاب المستديرة، حيث تتضمن هذه العملية مراحل مختلفة تتطلب مجموعة فريدة من المهارات التي تدفع إلى الحاجة إلى توظيف عمال مختلفين.
وعلاوة على ذلك ونظرًا لأن التشجير هي عبارة عن تحويل الأراضي القاحلة إلى غابات فإنها تتطلب أعدادً كبيرًة من العاملين، وذلك لأداء بعض المهام المختلفة التي عادةً ما تشمل بذر البذور وسقي النباتات وحصاد الأشجار وحفر التربة، حيث أن معظم الأشخاص العاملين في هذه الأراضي يكونون عاطلين عن العمل في السابق وعادة ما يكونون فقراء.
في عصر كانت فيه معظم الجهود التي يبذلها المسؤولون وصناع القرار بشأن حماية غابات السكان الأصليين يعد التشجير حلاً رائعًا للحد من الإفراط في استخدام الغابات الطبيعية وتدميرها، حيث أن التشجير هو حل أكثر قابلية للتطبيق لأنه يوفر المواد الخام للاستخدام البشري دون الإضرار بالطبيعة، وعلاوة على ذلك فإنه يمتد أيضًا من فوائد الأشجار والغابات إلى الأراضي القاحلة، مما يؤدي إلى النمو الاقتصادي للمنطقة.