وصف العقود في العمارة الموحدية:
من المعروف تاريخياً وأثرياً وفنياً أن العقود في عمارة المغرب العربي الإسلامي تمتاز بنمطها الحدوي أو المكسورة من أعلاها، وهي تعرف أيضاً بالعقود ذات المركزين، يبدو أن الموحدين قد رغبوا في بهرج الحياة الدنيا منذ استيلائهم على مراكش قبل نهاية النصف الأول من القرن الثاني عشر للميلاد، وإن اعتقاد فقهاء مدينة فاس في غير محله، إذ قاموا قبل دخول الموحدين إليها بتغطية الزخارف والنقوش الجصية على إطارات جبهة المحراب بجامع القرويين، فأضافوا فوقها طبقة من الجص بعد أن جعلوا بينها العازل الورقي.
كما أن المدة التي بقوا مبتعدين عن الأعمال الفنية فيها فقد تبدوا لنا غير طويلة، فمسجد تينمل مثلاً قد بنى في الفترة الأولى للوجود الموحدي وما يحتويه من العناصر الزخرفية خاصة منها الهندسية والنباتية، دليل كاف للتأكد بأنهم انغمسوا أو تأثروا بالحركة الفنية التي ورثوها عن الدولة المرابطية على الأقل، كما سنرى أنهم قد تمكنوا من ابتكار الكثير من العناصر.
الحليات الزخرفية للعقود الموحدية:
إن الحليات الزخرفية الجديدة التي تزدان بها العقود الموحدية تتمثل في عنصرين أساسيين هما: فصوص نبات النفل (من عائلة القطنيات المزهرة) وعقيدات متجاوزة، يتناوب هذان العنصران فيما بينهما على شكل رائق ومتزن، كما يصل بينمهما عنصران آخران هما في غاية الدقة والجمال وهما: زهرة من ثلاثة فصوص ودلاية رشيقة مخرمة في نهايتها بالزهرة السابقة.
والغريب في الأمر أن هذه الزخرفة قد تمت بطريقة الازدواج أي على جانبي أطراف العقد، إذا أخذنا نموذجاً من عقود مسجد تينمل فسنلاحظ أن مراحل العمل الفني في العقود كانت كما يلي: بنيت العقود على حامل منحني، روعي في نحت هذا الحامل النمط المتعاكس في انحنائه أي أن بداية البروز كانت في أسفله، ثم يعقبه منحن آخر على شكل، بعد ذلك يأتي العنصر المبتكر وهو ورقة النفل التي تتناوب مع عقيد (تصغير عقد)، تصل بينهما زهرة ثلاثية الفصوص إلى نهاية العقد.
وقد سمحت هذه الزخرفة المزدوجة بإسقاط أو تمديد طرفي العقد والورقة قليلاً ونقش بعنصر الزهرة ذات الفصوص الثلاثية، كما دفعت هذه الزهرة الفنان الموحدي إلى تزيين بواطن العقود بعدة عناصر زخرفية بسيطة في مسجد تينمل.