العناصر الترويقية في عمارة الموحدين

اقرأ في هذا المقال


سمات العناصر الترويقية:

إن هذه العناصر البسيطة تمثّل في الواقع أساس التطور الذي تم على يد المحودين؛ وذلك لأنها كانت في العهد المرابطي عبارة عن امتداد للعناصر المعروفة في الفن القرطبي السائد في مختلف العمائر، خصوصاً في مسجد قرطبة الكبير، ومع ذلك استطاع الموحدون أن يتعدوا دائرة التقليد، وأن يحوروا هذه الزخرفة الترويقية وينزعوا عنها شكلها الطبيعي ويجردوها من معالمها التي كانت تتميز بها في الفن القرطبي ومن بعده المرابطي، فجعلوها ملساء خالية من الوخز والتشقيق في حوافها، فأضفوا عليها مسحة الجمال وروح الحياة الحركية والالتواء والانحناء في اتجاه مغاير.
وقد شغلت هذه الزخرفة عدة أماكن من العمائر الموحدية شأنها في ذلك شأن العمائر الإسلامية سواء منها العائد إلى ما قبلها أو التي جاءت بعدها، منها على الخصوص كوشات عقود المحاريب وعقود الأبواب وفي بقية الفنون الصغرى سواء منها الخزفية أو المعدنية أو الخشبية، وأن هذه الشمولية لمثل هذه الزخرفة على كل هذه المواد لدليل ساطع على اتجاه الموحدين إلى عالم الفن الزخرفي في عمائرهم المختلفة التي لم يألوا جهداً لأن يجعلوها تنبض بالحياة وتشع منها الروح الجمالية والرواء الفني الرائق.
وهذا الشيء أضفى عليها طابعاً خاصاً، دفعهم إلى ذلك مرونة الدين الإسلامي وعدم التحجر فيه أو التقييد الجامد، بل التمسوا فيه الحرية المطلقة، فراحوا يشبعون اهتمامهم الفني بواسطة الإمعان والتدقيق فيما يجول بخلدهم ومن ثم تمكنوا من أن يترجموا ذلك إلى عناصر في غاية الدقة والمهارة، فأطلقوا العنان لخيلاتهم فقاموا في ابتكار العناصر الزخرفية

خصائص العناصر الترويقية:

إن الموحدين اختاروا من الزخرفة الترويقية التي تبدو أقل دقة وكثافة من الزخرفة الرقشية الإسلامية، بما يوافق تفكيرهم الروحي، وما رأوه سالماً لتطبيق الدين الإسلامي، فصهروا تلك العناصر بما يناسب تطورهم الفني، فنوعوا فيها وجعلوها مهاداً للزخرفة الكتابية، سواء منها الكتابة الكوفية أو الكتابة اللينة.
ومن هنا يتضح لدنيا أن الموحدين لم يجعلوا عمائرهم خالية من أي عنصر زخرفي، كما لم يتركوها جامدة بل جعلوها تنبض بالحياة وتشع بالجمال، وقد يرجع ذلك إلى استتباب الأمور السياسية وإلى استقرار في الأوضاع الاجتماعية، وهذان عاملان كفيلان بأن يجعلان البلاد التي تحت أيديهم تنبض بالحياة الرغدة والنشاط الثقافي الرفيع في جميع المؤسسات الدينية والمدنية والعسكرية.

المصدر: لمحات عن العمارة والفنون الإسلامية في الجزائر/تأليف الدكتور محمد السيب عقاب/الطبعة الأولىالعمارة الإسلامية من الصين إلى الأندلس/المؤلف خالد عزب/طبعة2010العمارة الإسلامية/المؤلف الدكتور عبدالله عطية عبد الحافظ/الطبعة الثانية


شارك المقالة: