أغلب المحاريب في هذه الفئة من المساجد ذات قطع نصف دائري وعقودها نصف دائرية وخالية من الزخرفة، وبعض هذه المحاريب لها عقود من نوع حذوة لفرس وكلها محمولة على أعمدة مندمجة في الجدار، وتحمل هذه العقود بعض الزخارف، وهي عبارة عن إطار يبرز قليلاً عن الجدار.
ويشكل موقع المحراب في بيت الصلاة في هذه الفئة من المساجد مشكلة معمارية ناتجة عن وجود العمود الذي يتوسط بيت الصلاة، الذي ينتشر منه أربعة عقود تستقبلها دعامات ساندة في الجدارن الأربعة، والتي يجب أن تكون في وسط كل جدار، ومن بينها جدار القبلة الذي يشغله المحراب.
خصائص موقع المحراب في المساجد المتعددة القباب:
أوجد المعماريون الليبيون حلاً لهذه المعضلة المعمارية والإنشائية، وذلك بتشييد محراب يبرز عن جدار القبلة على مستوى نهاية العقد، وهكذا يصبح الرفس المعماري الذي يحدثه العقد الذي يكون في وسط جدار القبلة، يقع على عقد المحراب البارز عن جدار القبلة ويجعل إطار المحراب سميكاً وقوياً وبارزاً عن جدار القبلة.
وتميز هذه المشكلة الإنشائية كل مساجد هذه الفئة باستثناء جامع القبطان بزاوية الدهماني الذي وضعت فيه الدعامات الساندة في جدار القبلة بين المحراب والمنبر، ويشاهد نفس الحل والترتيب المعماري في مسجد بني رواحة بغريان الذي أزيل في الآونة الأخيرة.
ومثل هذه المعضلة الإنشائية نشاهدها في جامع عبدالله محمد في مدينة بورصا بتركيا، والذي يعود إلى 1450، ووضع له نفس الحل للمحراب، تتكون قاعة الصلاة في هذا الجامع من وحدتين فراغتين مسقوفتين بقبتين متساويتين يحملها عقد كبير، ووضع المحراب في وسط جدار القبلة، ولكنه نحت في الدعامة الساندة الملتصقة بجدار القبلة، ومن الواضح أن هذه المعضلة المعمارية برزت في كلا البلدين، وتم إيجاد حل لها في البلدين بدون أن يكون هناك تأثير من أي البلدان في الآخر.
وفي هذه الفئة من المساجد ذات القباب الأربعة تبرز ظاهرة معمارية تكمن في وجود محرابين في بعض من هذه المساجد، تم اكتشاف أن مكان المحراب لم يكن في الاتجاه الصحيح للقبلة، وبعد تحديد الاتجاه تم بناء محراب آخر في الزاوية التي تتوافق مع الاتجاه الصحيح للقبلة وسد المحراب القديم الذي كان في وسط جدار القبلة.