سمات المحار في عمارة الموحدين:
المحار هو إحدى العناصر الزخرفية في عمارة الموحدين، على الرغم من أن هذا العنصر ليس حكراً أو من إبداع الموحدين، فقد وجد في العمارة القديمة لما قبل الإسلام، كما استعمل أيضاً في مختلف العمائر الإسلامية، وخاصة في مسجد القيروان بتونس ومسجد قرطبة بالأندلس، واتصفت المحار باحتوائها على عدة شحمات (بتلات أو فصوص) في حجمها بين تضييق واتساع واستطالة أو تقصير، وانحصار البعض منها على هيئة ضلوع بسيطة، ويتجلى ذلك بوجه خاص في القبة التي تتقدم المحراب، والتي من إنشاء الحكم الثاني الأموي.
إذ نشير إلى هذا كله لكي نعرف اختيار الموحدين لهذه الحلية التي كان لها شأن كبير في تغطية القباب في العهد الأموي بالأندلس، وقبلهم كيف كانت تعبأ في أركان المربع لتكون المجاز المكون للمربعات المزدوجة أو للمثمن، وهو ما يعرف معمارياً بمنطقة الانتقال (الرقبة) لوضع القبة فوقها.
خصائص حلية المحار في عمارة الموحدين:
تعتبر حلية المحار في الزخرفة الموحدية المنطلق أو المحور الرئيسي لموضوع زخرفة بواطن العقود، والتي تقوم أساساً على عنصر المعينات المفصصة، وبالأخص في بواطن عقود مسجد الكتبية، وقد حافظت هذه الحلية من بعد الموحدين على مكانتها كعنصر زخرفي يتوّج أركان بوابات القلاع والمساجد والمحاريب، وحتى في جبهات التيجان سواء في عمائر غرناطة أو عمائر المغرب الإسلامي قاطبة.
لم يتأخر الموحدون عن إبداع التيجان ولم يكتفوا بما ورثوه عن الدول السابقة، بل استحدثوا أنواعاً تبدو لنا مغايرة لما قبلهم تماماً، وتنفرد التيجان الموحدية كونها ذات نمط جديد في العمارة المغربية الإسلامية، فرغم احتفاظها بأهم عناصر الواحدات الزخرفية، وهي ورقة الأكانتس المحوّرة والأوراق الملتوية بصورة التعاكس المرئي ووجود العصابة (الطوق) المتوّج بحلية مخروطية، ورغم ذلك إلا أنهم صاغوا تيجانهم بما يناسب تتطورهم الحضاري.
كما أن التاج الموحدي مقسوم إلى قسمين رئيسين مختلفين: الأول يحتوي على شكل متوازي مستطيلات والثاني إسطواني الشكل، كما أن القسم العلوي من التاج والذي على شاكلة مكعب متوازي الأضلاع، فهو أيضاً لا يخلو من التباين، وإن كان يشتمل على نفس العنصر، وهو الورقة الملتوية إما إلى اليسار أو إلى اليمين، وبذلك يكون وضعها وضعاً تعاكسياً أو تكون استدارتها إلى أسفل، ويكون وضع الورقتين متقابلاً، وفي هذه الحالة يمتد فوق هذه الورقة خط متموّج ليشغل الفراغ الناتج من استدارة الورقتين.