تفاخر المعمار الإسلامي قروناً طويلة بمجموعة كبيرة من المباني المخصصة لأغراض جماعية كالمستشفيات والحمامات العمومية والمكتبات والمداس والفنادق والأسواق العامة، نالت إعجاب العديد من الرحالين الغربيين في الماضي، إلا أن ليبيا لم تحظ إلا ببعض هذه المشاريع بسبب تواصل الغزوات والمعارك الاضطرابات التي تعرضت لها فحرمتها حتى من التمتع بحكومة مركزية فعالة.
خصائص المدارس الإسلامية في ليبيا
إن التعليم في الشرق الإسلامي قد شهد ماضياً لامعاً، ومما لا شك فيه أن مواد التدريس خلال القرون الثلاثة الأولى للهجرة كانت مقتصرة على العلوم الدينية الأساسية ومبادئ النحو واللغة العربية على المستوى الابتدائي.
ولكن اعتباراً من القرن الميلادي العاشر فصاعداً ضلت ثلة من العلماء تحظى بتشيع القادة السياسيين، فأقدمت بحزم ونجاح على معالجة مشاكل التعليم الثانوي والتعليم العالي، فظهر المستوى الثانوي ثم النظامية التي كانت تدرس فيها الفلسفة والتاريخ والجغرافيا والرياضيات والفلك إلى جانب فروع العلوم القرآنية.
وصف المدارس الإسلامية الليبية
إن تركيب المدرسة من الناحية المعمارية يماثل تركيب الزاوية، ونرى في ليبيا على الأقل أن بعض المباني التي شيدت أصلاً كزوايا تحولت فيما بعد إلى مدارس، ولكن بينما احتوت الزاوية دوماً على حجرة للتدريس جاءت المدرسة في الغالب خالية منها، وفي هذه الحالة خالية منها، وفي هذه الحالة تلقى الدروس داخل المسجد الذي تقع المدرسة عادة بجواره أو داخل مسجد قريب.
فبالنسبة إلى الحالة الأولى نجد في طرابلس مدرسة أحمد باشا القره، أما بالنسبة إلى الحالة الثانية فتوجد في نفس المدينة مدرسة عثمان باشا التي يتلقى طلبتها دروسهم في جامع طرغت المجاور.
وما يحق لليبيا أن تتباهى به بعض المدراس المشهورة الأخرى مثل مدرسة عبد السلام ذات المستوى التعليمي الرفيع ومدرسة مصراته، كما نلاحظ أن كثيراً من المؤلفين يعتبرون المدارس ضمن المباني الدينية، إلا أنه تم تصنيفها في عداد المباني المدنية؛ لأنها صاحبة الفضل في تكوين أجيال لا حصر لها من القضاة والإداريين والسياسيين، وإن ذلك لأمر طبيعي إذا اعتبرنا أن مناهج التعليم في المدرسة كانت ترتكز على القرآن والسنة وهما المصدران الأساسيان للشريعة الإسلامية.