وصف المدارس السلجوقية:
تعتبر المدارس أهم المستحدثات المعمارية التي أتحف بها السلاجقة عالم الإسلام، وقد ظهرت كمؤسسة تعليمية في خرسان في القرن الرابع الهجري زمن الغزنويين، إلا أن نظام الملك هو من نشرها وضبط نظامها، حيث أصبحت توفر التعليم والمأموى والمأكل -مدرسة داخلية- وأصبح مدرسوها موظفين حكوميين لهم عطاء شهر معلوم (معلوم، نقدي وعيني)، وقد هدف نظام الملك من ورائها إلى نشر المذهب الشافعي لمقاومة النفوذ الشيعي، وقد أنفق على نظامية بغداد التي بنيت بين عامي 457-759 هجري ستين ألف دينار وأوقف عليها الأسواق والضياع والخانات والحمامات.
ونظام الوقف كان المورد الاقتصادي الأمين والكريم لرعاية مؤسسات المجتمع الأهلية (المدنية) في كل العالم الإسلامي، حيث تأثر الغرب بها فانتشرت فيهم، حيث تحفظ كرامة المدرسين من سؤال السلاطين ويصون الطلاب غضبهم، وقد توسع المسلمون في الأوقاف في العصر المملوكي وقد كان يوقف على كل أعمال الخير وحفظ الذرية، بل لقد أوقف على القطط والخيل بل ولتبديل زبديات الفخار المكسور من الأطفال حتى لا يفزعوا ويصابوا بأثر نفسي.
خصائص المدارس السلجوقية:
لقد شجع بنو زنكي تشييد المدارس في الشام والجزيرة الفراتية لدراسة المذهب الحنفي، ومن أشهرها المدرسة النورية التي شيدها نور الدين عام 1172 ميلادي، كما بنيت المدرسة الكاملة في مصر والتي بناها السلطان الأيوبي الكامل، وكذا المدرسة الصالحية أقامها الملك الصالح نجم الدين أيوب على جزء من أرض القصر الشرقي الفاطمي عام 1243 ميلادي، وهي أول مدرسة مصرية تخصص لتدريس المذاهب الأربعة وعموماً، فإن تخطيط المدارس مستطيل وصحنها مربع على كل ضلع إيوان مغطى بقبو ذي عقد مدبب، وهي تعمل مدرسة ومسجد في آن بل قد يكون فيها ضريح المؤسس، وقد كثرت في العصر المملوكي.
كما اهتم الأتابكة بعمارة الأضرحة، فنجد في قبر نور الدين الملحق بمدرسته في دمشق قبة ذات خلايا، كما وجد بالقرب من الموصل أضرحة ذات قباب عالية تشبه الخيمة وكان بعضها على شكل هرمي اعتمدت زخارفه على المقرنصات، وللقبة دور واضح في العمارة الجنائزية السلجوقية وأكثرها انتشاراً هي القاعة المربعة المغطاة بقبة ولها أربعة أبواب تنفتح في محاورها، حيث أصبح هذا هو الطراز المخصص للضريح الإسلامي المعروف بالتربة أو القبة.