أهمية المسجد النبوي الشريف:
يحتل المسجد النبوي الشريف مكانة عظيمة وأهمية كبيرة في التاريخ والحضارة الإسلامية عامة وفي تاريخ المدينة المنورة والعمارة الإسلامية خاصة، فهو من جهة كان مقراً للحكم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، وكان ملتقى أهل الرأي والمشورة من أصحابه صلى الله عليه وسلم، منطلق الأحداث الحاسمة في التاريخ الإسلامي، واتخذت فيه قرارات غيرت مجرى هذا التاريخ.
ومن جهة أخرى كان نواة المدينة المنورة وقلبها وأهم مكوناتها تأثيراً، إذ شكل تكوين هذه المدينة وتأثرت بمجالاته خطتها واتجاهات نموها، فالتف حولها عمرانها يكتنفه ويحيمه، واتجهت إليه شوارعها وحاراتها وتداخلت معه أحياؤها وأصبحت بوجوده فيها مذكورة مشهودة، كما كان لنبض حلقاته ومجالسه العلمية الدينية أثر كبير في منحها مركزها الديني المتميز بين سائر المدن العربية الإسلامية.
ومن جهة ثالثة يمثل المسجد النبوي علامة بارزة في تاريخ العمارة الإسلامية عامة وعمارة المساجد خاصة، فقد كان تخطيطه النموذج الأول من نوعه، وهو النموذج الذي انتقل مع الاختلاف في التفاصيل والفردات إلى أنحاء العالم الإسلامي، وقد اصطلح على تسميته بالتخطيط التقليدي أو التخطيط العربي.
خصائص المسجد النبوي الشريف:
يعد المسجد النبوي الشريف ثاني المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، والصلاة فيه أفضل من ألف صلاة، ومن ثم فهو محط آمال تهفو قلوب المسلمين وتتجه إليه أفئدتهم من كل حدب وصوب رغبة في الأجر وطمعاً في الثواب، لذا يود كل مسلم أن يتعرف على أهمية هذا المسجد التاريخية والحضارية وفضائله وآدابه وعمارته ومعالمه وتوسعته،
ومن هنا حظي بالعديد من الدراسات في شتى المجالات، غير أن الذي يعنينا منها في هذا المقام هي تلك الدراسات الآثارية المعمارية التي تتبعت عمارة هذا المسجد الشريف ومراحل تطوره وتوسعته والزيادة فيه، فضلاً عن تحليل أصوله وإبراز سماته وخصائصه في كل مرحلة من مراحله الإنشائيه على يد النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى الرغم من أنه لم يتبقى أي أثر من عمارة المسجد الشريف فيما قبل العصر المملوكي إلا أن الدراسات عليها اعتمدت في المقام الأول وبصفة رئيسية على العديد من المصادر التاريخية المتنوعة التي دونت وسجلت كل صغيرة وكبيرة في المسجد خلال المراحل التاريخية المتعاقبة.