المقرنصات في العمارة الحمادية

اقرأ في هذا المقال


خصائص المقرنصات في العمارة الحمادية:

إن فكرة شكل المقرنص لم يظهر بصورة جلية في عمائر القلعة، إلا القطع التي عُثر عليها في قصر السلام أثناء التنقيبات التي قام بها الأستاذ قولفان سنة 1956 ميلادي، ولكنها كانت شديدة الشبه بالمقرنصات التي يتحلى بها سقف كنيسة الكابلا بالاتينا، ممّا يؤكد تأثر الصقليين بالمدارس المغربية (الحمادية) الإسلامية.
وإذا ما قارنا بين شكل الدلاية بالقلعة والمقرنص المبسط المشاع في عمائر العالم الإسلامي، فإن العنصر الأخير الذي ظهر بسيط الشكل لا أثر للعمل الفني فيه، إذ يبدو على شكل حنية مستطيلة، تنتهي بتقوير من أعلاها، وهو ما يعبر عنه بحات المقرنصات.
كما أن المقرنصات هذه ما هي إلا تحوير أو تعويض لعنصر المثلثات الكورية الأركان معكوسة الاتجاه من أسفل إلى أعلى، والسائد في العمائر البيزنيطة القديمة لما قبل الفترة الإسلامية والتي أعيد إحياؤها في الفترة العثمانية الحديثة نتيجة عوامل كثيرة، منها أن آسيا الصغرى تعتبر المكان الأول الذي ظهرت فيه المثلثات الكروية، كذلك استعمال الأتراك للصناع المسحيين، كما أن المثلثات الكروية لها وظيفة غير وظيفة المقرنص، إذ ينحصر دورها في تحويل المربع إلى نطاق ذي ثماني أضلاع كأساس لمسقط القبة السفلى.

الفرق بين المقرنصات الإسلامية والمسيحية:

ولا ندري كيف أمكن لبعض الباحثيين تشبيه المقرنصات الإسلامية بالأركان الكروية عند المسيحيين، مع أن الفرق بينهما شاسع، فمقرنصات العمارة الإسلامية عبارة عن حنية مجوفة بل هي مخروطية الشكل، وأحياناً تبدو كجزء من القبة تقوم على عمود صغير الذي يسند بدوره على كابولى، فضلاً عن ذلك فهي ذات قوس أقرب إلى النصف دائري، ممّا جعلها تعلو قليلاً عن مستوى الإطار المربع الذي ترتكز عليه رقبة أو قاعدة القبة.
بينما التي لدى عمارة المسلمين ومنها عمارة القلعة تمتاز بصغر حجمها وعدم الاكتفاء بقطعة واحدة، بل هناك قطع أخرى متجانسة تركب بجوار بعضها البعض وفوق بعضها البعض أيضاً، للحصول على الفراغات والتجاويف التي ينعكس عليها الظل، ولا يتوقف الأمر عند ذلك، فعلى أبدان تلك المقرنصات يجد الفنان فرصته لتصوير ما جادت به قريحته.
وعلى كل حال فيمكن أن نضيف أيضاً بأن المقرنصات الإسلامية لها صفة لا محدودة، مثلها في ذلك مثل قاعدة الفن الإسلامي عامة، أي صفة التكرار غير الممل، الذي يجعل تدرج النظر إليها أمراً محبباً، بحيث يشع منها الجمال الفني الراقي.


شارك المقالة: