ادخال المنارات للمسجد النبوي الشريف:
لم يكن للمسجد النبوي قبل عمارة الوليد منارات يؤذن عليها، وإنما كان يؤذن في عهد الرسول من فوق اسطوانة في بيت حفصة، وقيل من على سطح امرأة من بني النجار، ولا يعلم شيئاً عن موضع الآذان في المسجد النبوي قبل عمارة الوليد إلا أن غالب الظن أن الدور المجاورة وربما سطح المسجد كانت تستخدم للآذان أيضاً.
وهناك روايات كثيرة تشير إلى وجود منارات مساجد جامعة أقيمت قبل منارات المسجد النبوي، فقد ذكر البلاذري (مؤرخ) أن بناء منارة جامع البصرة كان في ولاية زياد بن أبيه سنة 45 هجري، ومنارات جامع عمرو بن العاص بالفسطاط أنشئت بأمر معاوية بن أبي سفيان في ولاية قرة شريك سنة 53 هجري، وبيدو من انتشار المنائر في خلافة معماوية بن أبي سفيان أن المسجد النبوي كان بحاجة إلى مثل هذه المنائر خاصة بعدما هدمت الدور المجاورة له وألحقت بالمسجد.
حيث أن قيام المنائر سواء في المسجد النبوي أو غيره من المساجد الجامعة كانت ضرورة أوجبها التوسع الكبير في المدن وكثرة السكان بها، كما نقل ابن إسحاق الحربي عن عبد العزيز بن عمران قوله: (لم يبلغنا أن المسجد كان له منار يؤذن عليها بأكثر من تلك الاسطوانات والأقباب، فلما بنى عمر بن عبد العزيز جعل للمسجد أربع منارات في كل زاوية منارة.
وصف منارات المسجد النبوي الشريف:
تتقارب طول المنارات في المسجد النبوي الشريف وذلك كما ذكر ابن زبالة، حيث تبلغ 55 ذراعاً للمناراة الشرقية والشرقية الشامية، و53 ذراعاً للغربية والشامية، ويبلغ هذا الطول بالأمتار حوالي 25 متراً، وهذا الطول يجعل من غير المعقول بناؤها من غير أساسات، حيث أن السقف الخشبي لقاعة الصلاة لا يمكن أن يتحمل ثقل برج ارتفاعه 50 ذراعاً مهما ذهب الظن إلى خفتة.
كما أن ابن جبير زار المدينة سنة 581 هجري ووجد (المنارتين الشاميتين صغيرتان على هيئة برجين، أما المنارة الشرقية الجنوبية فإنها على هيئة صوامع)، مما يحمل على الظن أن المهدي هدم المنارتين الشماليتين وأبقى المنارة الثالثة المعروفة بالرئيسية التي تقع في الركن الجنوبي الشرقي.