خصائص النمط الثاني من جامع القبة:
جامع القبة من المساجد العثمانية، وهو عبارة عن مساحة مربعة تعلوها قبة كبيرة ضخمة، ويحيط بهذه المساحة المربعة من الخارج زيادات، إما أن تكون من الجهتين عدا جهة القبلة والجهة الجنوبية الغربية، ومن أمثلة ذلك جامع محمد علي الذي لا تزال بقاياه قائمة في منطقة البولافي بالخانكاة، ويرجع تاريخ إنشائه إلى 1243 هجري، وهاتان الزيادتان عبارة عن رواقين محمولين على أعمدة خشبية، وبصدر الرواق الشمالي الشرقي منهما محراب جصي صغير، أما الآخر وهو الشمالي الغربي فيتقدم باب الدخول للجامع.
حيث أن هذه الزيادات قد تكون من ثلاث جهات، عدا جهة القبلة فحسب، وهي عبارة عن ثلاثة أروقة رواق بكل جهة، مغطاة بقباب ضحلة مقامة على مثلثات، ويتجلى هذا التخطيط الأخير بوضوح في نموذجين هما: جامع سنان باشا وجامع محمد بك أبو الذهب.
وصف النمط الثاني من جامع القبة:
وعند تأصيل هذا النوع من التخطيط نجد أن جوهره، وهو المربع الذي تعلوه القبة لم يكن شيئاً مستحدثاً في العمارة الإسلامية، حيث أنه كان معروفاً وشائعاً قبل العصر الإسلامي بقرون عديدة، ولا سيما في تصميم بعض الوحدات والأجزاء في العمائر المدنية وخاصة القصور، فضلاً عن العمائر الجنائزية كالمدافن والمزارات المختلفة، كما هو الحال في جبانة البجوات بالدخله في محافظة الوادي الجديد بمجمهورية مصر العربية وغير ذلك، وقد ظل هذا الاستخدام باقياً خلال العصر الإسلامي وتوجد منه نماذج رائعة فريدة ومبتكرة في العمارة الإسلامية عامة.
على الرغم من أن استخدام هذا النمط من التخطيط في تصميم مساجد أو جوامع قائمة بذاتها فضلاً على بعض أنواع العمائر الدينية الأخرى كالزوايا والخوانق، إلا أنه وبلا شك يعد من الإضافات التي استحدثها المعمار المسلم، كما أنه قام بتطويرها وابتكار أنماط جديدة منها لم يسبق إليها.
هذا ويستدل من خلال بعض الإشارات المتناثره في المصادر التاريخية المختلفة على أن هذا النمط من التخطيط (المسجد القبة) قد عرف واستخدم منذ الفترة المبكرة، غير أن أقدم أمثلته الباقية توجد في المشرق الإسلامي ومن بينها نذكر كل من: مسجد يزدي-كاشت، ومسجد أبرقوه ومسجد بيروت.