وصف العمارة في مكة المكرمة:
كانت للسرعة التي واكبت التطور العمراني الكبير في مدينة مكة المكرمة أثرها في ضياع كثير من ملامح التراث العمراني المتميز والفريد، وعدم ترك المجال الكافي لتحديد وتقنين ملامح التراث العمراني الجدير بالمراعاة، والأخذ به والمحافظة عليه، وقد تدارك المسؤولين والعاملين في هذا المجال خطورة ذلك، ظهرت دعوة لتأصيل التراث المعماري والمحافظة عليه تعددت الأساليب بين المحافظة على بعض المباني القديمة وترميمها، وبين النظر إلى التراث نظرة سطحية من خلال الاقتباس من المفردات التشكيلية.
مع الزيادة الهائلة في عدد السكان وكذلك الزيادة في أعداد الحجاج والمعتمرين والسعي إلى تحقيق نقلة حضارية لمواكبة العصر وما ترتب عليه من إزالة مناطق بأكلمها بكل ما تحتويه من ملامح تراثية، كادت معه ملامح وسمات التراث العمراني لمكة المكرمة أن تضيع وتفقد هويتها، إلى جانب مختلف الاتجاهات والفلسفات التي تزاحمت عليها والبعيدة كل البعد عن ملامحها وسماتها، ولهذا شهدت مكة المكرمة عمارة لا تتفق مطلقاً مع طبيعتها المناخية والجغرافية، والتي تتفق مع قيم ومبادىء المجتمع السوري.
ملامح التراث العمراني المكة المكرمة:
تتميز مكة المكرمة بتراث معماري خصب وغني نتج من تفاعل المؤثرات المحلية مع مجموعة من الملامح المعمارية الوافدة والنمط العمراني لمكة المكرمة، كما يتميز بتكثيف البناء والارتفاع رأسياً نتيجة بصعوبة البناء على المنحدرات الجبلية الوعرة وانحصار البناء في الأودية والشعاب بينها، ولهذا فإن الأفنية الداخلية تكاد تكون مختقية إلا في المباني العامة والمساكن الكبيرة المحدوة العدد، حيث يستعاض عن هذه الأفنية بالفراغات العلوية ذات الأسوار العالية المحرمة؛ لتوفير الخصوصية لمستخدمي هذه الأماكن في الأعمال لمنزلية والنوم ليلاً.
ومن أهم الملامح المميزة للعمارة المكية هو استخدام الرواشين ذات المصبعات الخشبية والزخارف النباتية والهندسة ذات التأثير الهندي، والروشان تتشابه مع مشربيات القاهرة، حيث يبرز عن الواجهة الخارجية للمبنى مرتكزاً على كوابيل من الخشب المزخرف لتغطي فتحات المبنى، حيث يمكن بواسطته توفير الخصوصية لسكان المبنى مع عدم الإخلال بالمتطلبات المناخية بالسماح بمرور تيارات الهواء عبر فتحاتها الرأسية العالية، والملاحظ في مباني مكة المكرمة التقليدية أنها جاءت بنسب توافقية جيدة مما أكسبها تناسقاً وإيقاعاً.