يقول الله تعالي: (لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون)، وفي هذه الآية القرآنية الكريمة إشارة إلى المدن المحصنة التي كان يتم إحاطتها بالأسوار ذات الأبراج والبوابات لتصبح مدن حصينة لا يسهل اقتحامها.
مدينة الدرعية المحصنة في شبه الجزيرة العربية:
تقع هذه المدينة في الجانب الشمالي الغربي من مدينة الرياض، وتبعد عنها نحو خمسة عشر كيلو متر، وهي العاصمة الأولى للدولة السعودية الأولى، وقد برزت مع بروز دعوة الإصلاح والتي قام بها الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب، ولقد كان لهذه المدينة من من الاستحكامات العسكرية ما جعل بن بشر (عثمان بن عبد الله 1210-1290 هجري) في كتابه المجد في تاريخ نجد يشهد بجدارتها القتالية وصمود منقطع النظير أمام قوات إبراهيم باشا، ساعدها على ذلك سورها بتحصينها وأبراجه الطينية.
والسور قليل الارتفاع لا يعدو أن يكون ساتراً يمتلى بالفتحات التي كانت تخصص للرمي بالنيران وأعل السور صف من الشرفات المسننة للحماية من الهجوم المضاد، وهذا السور يشتمل على أبراج بعضها على هيئة نصف دائرية بذات الارتفاع السور، والبعض الآخر يأخذ هيئة اسطوانية لها سلم خارجي يؤدي إلى المدخل الخاص بالطابق الأعلى، أما الطابق السفلي فقد خصص له مدخل خاص معقود لتخزين المؤن والمعدات والبارود.
كذلك فقد اشتمل البرج على فتحات ضيقة الرمي بالبارود بعضها تتقدمه قطعة من الخشب أو الحجر لحمل فوهة البندقية حال إطلاق النيران، وللبرج من أعلى صف من الشرفات المسننة من الإضافات الحديثة وقت ترميم السور وأبراجه، كذلك امتازت بعض الأبراج باستدارتها التي تبدأ متسعة من أسفل وتضيق كلما ارتفعت مثل برج السديرية والذي يشتمل أيضاً في الطابق الأعلى على فتحات مماثلة التي وجدت في الأبراج السالفة.
وهذه الأبراج وتلك الأسوار كانت من الحصانة ما جعلها تصمد صموداً منقطع النظير أمام القوات التي قادها إبراهيم باشا ابن محمد علي، الأمر الذي يشير إلى دقة التخطيط واليقضة العسكرية مما يدل على اهتمام بالغ بالاستراتيجية العسكرية، وتنظيم الجنود والقادة وهو ما تعكسه هيئة الأبراج التي تخترق السور التي تنوعت ما بين أبراج دفاعية وأخرى للمراقبة.