وصف الجشمة العثمانية في أوروبا:
وهو من أبسط الأسبلة عامة والعثمانية خاصة، وهو يتكون في جوهره من دخلة أو حنية عميقة إلى حد ما، ويتوج هذه الدخلة أو تلك الحنية غالباً عقد يختلف نوعه من جشمة لأخرى، وفي أحيان قليلة يتوجها عقد متعدد الفصوص أو عقد ثلاثي الفصوص، ولاسيما في الجشمات الملحقة بالعمائر المختلفة، وتحوي أرضية هذه الدخلة أو الحنية حوضاً تصل إليه المياه من خلال الصنابير التي بصدر الدخلة أو الحنية وقد تكون صنبوراً واحداً أو أكثر.
وفي بعض النماذج يحل محل الحوض فسيقة صغيرة تشبه إلى حد كبير الطشتية التي توجد في الأسبلة المملوكية ذات السلسبيلات، وذلك أسفل لوح السلسبيل ومنها تصل إلى الأحواض بأرضية الشباك أو الشبابيك في الأسبلة المملوكية، وقد اتخذت تلك الفساقي أشكالاً أخرى منها المفصصة والمستديرة والمربعة والمثمنة وغير ذلك، بل وصل الأمر إلى أن أصبحت مثل هذه الجشمات مجرد نوافير مثبتة في واجهات العمائر المختلفة وغير ذلك من الأشكال التي استحدثت خلال القرنين الثاني عشر والثال عشر للهجري.
بناء الجشمات العثمانية في أروربا:
وقد تبنى هذه الجشمات من الحجارة المنحوتة أو من الرخام المصقول، وعلى الرغم من صغر حجمها وبساطة تكوينها فإنها مع ذلك صارت مجالاً للإبداع المعماري والفني، فحفلت بالنقوش الكتابية والزخرفية المتنوعة التي تعد الغاية في الروعة والجمال والفخامة.
ويكفي للدلالة على مدى انتشار هذه الجشمات أنه كان يوجد منها في مدينة إسطنبول وحدها حتى وقت قريب نحو 800 جشمة، ولكن أكثرها تهدم لسبب أو لآخر، وبعضها نقل إلى مكان آخر، ومن ناحية أخرى فإن سجل الأراضي (الطابو) في عهد السلطان مراد الرابع يشير إلى أنه يوجد نحو 10390 سبيلاً تقوم بوظيفتها على خير وجه.
ومن بين النماذج الباقية في مدن أوروبا العثمانية حسبنا أن نشير إلى كل من: جشمة قرة مصطفى باشا وجشمة كلبهار خاتون، ومها يكن من أمر فإن هذه الجشمة الأخيرة وجشمات أدرنة السابقة إنما تتبع النمط التقليدي الموروث عن الجشمات السلجوقية في الأناضول والذي استمر في العديد من مدن الأناضول في العصر العثماني، وفي إسطنبول بقيت نماذج عديدة تقليدية ومتطورة ومنها جشمة داواد باشا وهي أقدم النماذج الباقية.