تُعد قبة الصخرة المشرفة الموجودة على أرض فلسطين من أقدم ما بقي من العمارة الإسلامية، وتُعد عمارتها سواء من الداخل أو الخارج من أجمل المنشئات المعمارية الإسلامية، حيث توصف عمارتها بالجمال والفخامة والرشاقة، وكل العناصر فيها مرتبة بنسب معينة.
داخل قبة الصخرة المشرفة:
عند دخولنا نشهد منظراً ذا جمال رائع للوحات رخامية برّاقة وأعمدة رخامية ذات تيجان مذهبة وفسيفساء خضراء وزرقاء مذهبة، وأمامنا مباشرة توجد الأقواس الثلاثة ترتكز على عمودين رخاميين تنتصب بين العضادتين الركنتين المغطاتين بالرخام، وجوانب وباطن الأقواس مزخرفة بالفسيفساء الراقية، وخلف ذلك يوجد دائرة داخلية من الدعائم التي ترى عبر أقواسها القبة الخشبية بزخارفها الرائعة من التصاميم والنقوش المطلية بالذهب.
الرواق المثمن في قبة الصخرة:
أعمدة هذا الرواق ذات تيجان مختلفة الطراز، بعضها كورونثي وبعضها مركب، والجذوع تختلف في طولها لكن هذه الحقيقة تخفيها الصناديق الرخامية ذات الألواح، والقواعد التي نراها فوق هذه الصناديق ليست قواعد على الإطلاق بل مجرد أطواق رخامية مثبتة حول الجذع وترتكز على قمة الصندوق.
وأقواس المثمن لا ترتكز مباشرة على تيجان الأعمدة، فكل عمود يعلوه مستقر حجري مكعب مرتكز على عارضة خشبية أو رباط يمتد عبر كل صنف من الأعمدة، وكل واحد يتألف من عارضتين موضوعتين جنباً إلى جنب، يبلغ عرضهما 76 سم وارتفاعهما 27 سم، وهاتان العارضتان تتداخلان معاً، وإن ارتفاع الوجه السفلي من العارضتين عن الأرض هو 6 أمتار، وقد وضع عليها مدماك من الكتل الحجرية يساوي في عمقه عوارض الربط تقريباً، وتبلغ السماكة الإجمالية 64 سم، وكتل ارتكاز الأقواس تأتي مباشرة فوق وصلة عوارض الارتباط.
ويغطي الجانب الأسفل والوجه الخارجي من هذه العوارض ألواح معدنية جميلة الزخرفة، كما أنها مزخرفة بعدد كبير من التصاميم الزخرفية، وقد سميت عوارض ربط لأن وظيفتها حمل الضغط وهو ما يثبته كون النهايات معشقة معاً.
كما يعد أجمل شيء من الداخل هو التصميم في الجنوب، وهو أيضاً رأي المهندس المصم، وهي الجهة المواجهة للقبلة، حيث نجد فها لفائف الكرمة التي تخرج من المزهريات في الوسط وتشكل انحناءات لليمين ولليسار، وكل منها يحتوي على عنقود من العنب وورقة كرمة ذات خمسة رؤوس، وهو التصميم الذي سنجده ثانية في زخارف المشتى وسامراء وعلى منبر القيروان، وهذا الشريط من الزخارف يعتبر النموذج الأصلي لأهم العناصر في الفن الإسلامي الأول.