تخطيط المدينة وتقسيماتها الداخلية:
لقد حرص المسلمون الأوائل على اختيار مواقع المدن الإسلامية، وعلى توافر الشروط والمواصفات الضرورية لبقائها، وقد أثر في هذا الاختيار عوامل تختلف طبيعتها من مدينة إلى أخرى، ولاسيما تلك العوامل المرتبطة بالنواحي الحربية والسياسية.
ومدينة مستغانم من المدن التي أشارت جل المراجع العربية والأجنبية أن تكوينها كان مبدؤه حصن محال، والذي بناه يوسف بن تاشفين أيام غزوه للمغرب الأوسط، وحول هذا الصحن نما عمران المدينة، وهو ما نستشف من خلاله أن المدينة كانت عبارة عن مركز عسكري في البداية ثم تطورت إلى مدينة غلب عليها الطابع الديني، حالها كحال الكثير من المدن التي أنشئت عليها نقاط أو مراكز دفاعية تحولت فيما بعد إلى مدن الرباط والمنستير ومادريد.
هذا ونشير إلى أن المصادر العربية التي ذكرت مستغانم ممثلة في البكري والإدريسي كانت أشارت إلى مستغانم بصفة المدينة المسورة، إلا أنها لم تذكر وجود مسجد جامع بها، خاصة وأن هذا الأخير من أهم الاعتبارات التي يجب مراعاتها في تخطيط المدينة الإسلامية، فهو أول ما يدل على طابعها الإسلامي.
خصائص مدينة مستغانم في العهد العثماني:
النص الوحيد الذي يعطي معلومات هامة من شأنها أن توضح لنا الطابع الإسلامي للمدينة، كما أن تخطيطها العام هو ما نستشفه من نص النقيشة، التي توضح لنا أن أبا الحسين المريني بنى بالمدينة مسجداً جامعاً لا يزال قائماً لحد الآن، وحبس عليه حانوتين بالسوق الكبير، مما يدل على أن مستغانم كانت في ذلك العهد تخضع لنظام مديني يقوم على نواة مركزية، كان أساسها المسجد الجامع والسوق الكبير، ويرتبط بطبيعة الحال بهذين العنصرين مقر الحكم.
وباستثناء هذا النص لم تذكر المصادر أي وصف لمكونات المدينة إلى غاية القرن العاشر الهجري (16ميلادي) من طرف حسن الوزان، وعموماً فإن هذه الإشارات التاريخية توحي بأن المدينة كان قائمة على تخطيط عام يرتكز أساساً على ثلاثة محاور كثيراً ما تتكر في المدن الإسلامية.
حيث إن المحور الأول يضم النواة المركزية ممثلة في المسجد الجامع والسوق المركزي ومقر الحكم، أما المحور الثاني فيضم الأحياء السكنية بملاحقها من منازل وحمامات وشوارع ودروب وأضرحة، يبقى المحور الثالث والذي يشمل أسوار المدينة وحصونها وأبراجها ومداخلها.