ما لا تعرفه عن تاريخ مسوحات الأراضي:
منذ أن قرر الإنسان القديم أن قطعة أرض تنتمي إلى قبيلة وأخرى تنتمي إلى قبيلة أخرى، كانت هناك حاجة لإجراء مسح للأراضي، في حين أن التكنولوجيا ووسائل الوساطة أصبحت بالتأكيد أكثر تعقيدًا على مر السنين، فإن الحاجة الأساسية لتحديد حدودنا لا تزال قائمة، حيث استخدمت كل حضارة كبرى في تاريخ العالم مسح الأراضي، بعضها حقق نتائج أكثر تعقيدًا ودقة من غيرها.
أحد الأمثلة الأولى للمسح بالطرق الرياضية كان على يد المصريين، فالهرم الأكبر في الجيزة، حيث بني حوالي 2700 قبل الميلاد، كما ظهرت براعتهم ومعرفتهم بتقنيات المسح، وعندما فاض نهر النيل وغمر السهول أعاد المصريون القدماء رسم خطوط الحدود باستخدام الهندسة الأساسية، أيضا كان هناك سجل للأراضي المصرية في وقت مبكر من 3000 قبل الميلاد قبل بزمن طويل من الحضارات الأخرى في عصرهم، فيما يتعلق بتقنيات المسح والري الخاصة بهم، نفضل في الوقت الحاضر طريقة علمية أكثر بكثير لتحديد الحدود مع تقدم التكنولوجيا.
بناءً على مثال المصريين، ذهب الرومان خطوة أخرى إلى الأمام وقاموا بتأسيس مساح أراضي كمنصب رسمي داخل الإمبراطورية الرومانية، حيث كانوا يطلق عليهم (agrimensores)، والمعروفين بشكل جماعي باسم (Corpus Agrimensorum (Romanorum وقاموا بمهام مختلفة في جميع أنحاء الإمبراطورية، لقد كانت شاملة ودقيقة بشكل ملحوظ في منهجيتهم، يقومون بإنشاء خطوط مستقيمة وزوايا قائمة باستخدام أدوات بسيطة، بمجرد قياس الخطوط، فإنها ستعمل خندقًا ضحلًا لتمثيل الخطوط، كما تم العثور على نصوص تعود إلى القرن الأول الميلادي، ولا تزال بعض الأخاديد التي أنشأتها موجودة حتى اليوم.
في إنجلترا عام 1086، كتب وليام الفاتح كتاب يوم الحساب الذي غطى إنجلترا بالكامل، واحتوى على أسماء ملاك الأراضي وكمية الأرض التي يمتلكونها ونوعية الأرض المذكورة، ومعلومات محددة حول موارد كل منطقة وشعوبها، في حين أن اتساع المعلومات كان مثيرًا للإعجاب في ذلك الوقت، إلا أن مهارات المسح الفني كانت مفقودة، ولم يتم عمل الخرائط على نطاق واسع ولم تعرض المواقع بدقة.
لا ينبغي أن يفاجئ أي شخص عندما يعلم أن نابليون بونابرت كان متحمسًا للمسح المناسب عندما تحاول غزو العالم المعروف، فمن المفيد أن يكون لديك خرائط دقيقة، وفي عام 1908 أسس السجل العقاري، وهو عبارة عن سجل شامل لممتلكات مقاطعة، والذي تضمن تفاصيل الملكية والموقع بأكبر قدر ممكن من الدقة، وأكبر قدر ممكن من المعلومات حول قيمة الأرض واستخدامها.
كما تضمنت أيضًا خرائط مرسومة بمقياس رسم ( 1: 2500 و1: 1250 )، حيث انتشر استخدام السجل العقاري بسرعة، لكنه واجه مشاكل في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة والمتنازع عليها، حيث كان يلزم تحديثها في كل مرة يتغير فيها أي شيء، شعر نابليون أن إنشاء السجل العقاري سيكون أعظم إنجازاته في القانون المدني.
كما أن مسح الأراضي له تطبيقات اليوم أكثر من تطبيقات أسلافنا؛ نظرًا لأن وسائلنا لتسجيل تاريخنا والحفاظ عليه أصبحت أكثر تعقيدًا.