تطور صناعة الخرسانة

اقرأ في هذا المقال


الخرسانة في بداية القرن العشرين:

على الرغم من أن الناس يستخدمون كلمتي الأسمنت والخرسانة كما لو كانوا متطابقين، إلا أنهم ليسوا كذلك. يحتوي الخرسانة على أسمنت، ولكنه يتضمن أيضًا مواد أُخرى، الأسمنت هو ما يربط الخرسانة معًا. يكره عمال البناء عندما يكتب الأطفال أسمائهم بالخرسانة قبل أن تُصبح صلبة بمجرد أن تُصلّب الخرسانة، ستصبح صلبة لفترة طويلة تدوم لعمر إفتراضي مدته 40 سنة. وعند استخدامه كصفة، تعني الخرسانة أيضًا مادة صلبة.

مع بداية القرن العشرين كانت الخرسانة تُجاهد لكي تقف بين مواد البناء الأخرى وكانت مقاومة الضغط التى تصل إلى 140 كيلو غرام لكل متر مربع تُعتبر قيمة كبيرة ولها اعتبارها. ولم تكن هناك طرق مُعينة لتصميم خلطة خرسانية ولا أساليب للتصميم المُختلفة كذلك لم يكن هناك الأنواع المُختلفة من الأسمنت والتى تناسب الأغراض المتنوعة. آما أنه لم يكن هناك الأنواع المُختلفة من الخرسانة مثل الخرسانة الخفيفة والخرسانة ذات الهواء المحبوس أو الخرسانة سابقة الصب أو سابقة الإجهاد.

فى سنة 1919 شهدت صناعة الخرسانة الثورة الأولى حيث اكتشف ابرامز أن هناك علاقة بين مقاومة الضغط للخرسانة ونسبة الماء بالخلطة وقد أوضح ابرامز أن مقاومة الضغط تزيد كلَّما قلت نسبة الماء إلى الأسمنت.

التفاعل الكيميائي في الخرسانة:

عملية التفاعل الكيميائي بين الأسمنت والماء وجِد أن كمية الماء اللازمة لإتمام عملية التفاعل تتراوح من 0.22 الى 0.25 من وزن الأسمنت حسب نوع ودرجة نعومة الأسمنت. ولكن المشكلة تبدو أن هذه النسبة القليلة من الماء تُعطي خرسانة جافة جداً صعبة التشغيل، ممّا يضطر صانع الخرسانة إلى زيادة الماء بالقدر الذى يعطى خرسانة لدنة ذات قابلية عالية للتشغيل.

وقد وضِّح من التجارب المعملية والخبرة العملية أن نسبة الماء التى تُعطي خلطة خرسانية لدنة ذات قابلية عالية للتشغيل بدون استخدام إضافات هي من 0.4 إلى 0.7 من وزن الأسمنت ويتوقف ذلك على محتوى الأسمنت فى الخلطة وعلى نسبة امتصاص الركام المستخدم للماء.

علاقة نسبة الماء إلى الأسمنت ومقاومة الضغط فإنَّ هذه النسبة من الماء تُعطي خرسانة متوسطة المقاومة والحقيقة أن الخرسانة ظلت حتى وقتنا الحالي تُنتَج بمقاومة متوسطة تتراوح من 200 إلى 300 كيلو غرام لكل سم متر مربع ومُعظم التصميمات الإنشائية فى وقتنا الحاضر تتم باستخدام خرسانة ذات مقاومة 250 كيلو غرام لكل سانتي متر مربع أي باستخدام نسبة امتصاص الركام المستخدم للماء من 0.4 إلى 0.7.

الخرسانة في الوقت الحاضر:

هذه الأيام تشهد بداية ثورة ثانية فى تكنولوجيا الخرسانة، حيث كان من المُمكن التغلُّب على التناقض الناشئ بين المقاومة العالية والقابلية المُنخفضه للتشغيل، وذلك من خلال إنتاج واستخدام بعض الإضافات المخفضة للماء والتي تسمح باستخدام نسبة ماء قليلة جداً قد تصل إلى 0.25 من وزن الأسمنت وفي نفس الوقت تعطى قابلية عالية للتشغيل وبالتالي الحصول على خرسانة ذات مقاومة عالية جداً قد تصل إلى 1400 كيلو غرام لكل سم متر مربع، وقد تم إنتاج هذه الخرسانة العالية المقاومة بالفعل فى معامل كلية الهندسة بالمنصورة في مصر، حيث تم الوصول إلى خرسانة مقاومتها للضغط 1100 كيلو غرام لكل سم متر مربع وذلك باستخدام المواد المحلية المتاحة فى مصر.

وعلى الرغم من أن هذه الخرسانة العالية المقاومة لم تتابع طريقها إلى الواقع العملي فى البلاد حتى الآن، إلا أن هذا النوع أصبح شائع الاستعمال في دول أوروبا وأمريكا واليابان وحتى فى بعض دول العالم الثالث مثل، ماليزيا والتى تم فيها حديثاً إنشاء وتشييد أعلى المبانى الإدارية فى العالم ويقع فى مدينة كوالا لمبور والذى يصل ارتفاعه الى 450 متر وذلك باستخدام خرسانة ذات مقاومة للضغط مقدارها 800 كيلو غرام لكل سم متر مربع. وتجدُر الإشارة أن هناك بعض المشاريع الإنشائية الكبرى في مصر قد استخدمت فيها خرسانة ذات مقاومة للضغط من 500 إلى 600 كيلو غرام لكل سم متر مربع ومن هذه المشاريع مكتبة الأسكندرية والكوبري الملجم بمنطقة غمرة بالقاهرة وغيرها.

عوامل التقدم والتطور في الخرسانة:

يجب استمرار البحث والدراسات لتطوير المواد التي تتكون منها للخرسانة وتحسين فعاليتها، وذلك لسبب زيادة جودة الخرسانة بتكاليف أقل ويكون التعاون مستمر بين البحث العلمي والصناعة والإعداد الفني والتدريب المهني للعاملين فى مجال الخرسانة، كما ويجب عمل حلقات دراسية وندوات علمية للوقوف على كل ما هو جديد فى مجال تكنولوجيا الخرسانة وتطبيق كل ما هو جديد فى مجال الخرسانة بصورة عملية وذلك من خلال منشآت فعلية والدراسات الفنية اللازمة لحل مشاكل التصميم والتنفيذ للاستخدامات المتنوعة للخرسانة.


شارك المقالة: