إن هذا النوع من التخطيط يذكرنا بالتخطيط التقليدي للمساجد والجوامع في العمارة الإسلامية، وهو التخطيط الذي اصطلحنا على تسميته بالتخطيط ذو الأروقة دون الصحن أو الدرقاعة، وقد شاع هذا التخطيط وانتشر في غالبية الأقطار العربية والإسلامية منذ وقت مبكر، وقد تنوعت التغطيات في هذا النوع من التخطيط طبقاً للظروف البيئية والمناخية، فمنها الأسقف الخشبية أو الأسقف الحجرية على هيئة القباب أو الأقبية أو الاثنين معاً.
الجامع ذو القباب المتعددة:
أما استخدام القباب العديدة في التغطية، فقد عرف قبل العصر الإسلامي كما هو الحال في العديد من العمائر الرومانية والبيزنطية في القسطنطينة وروما ورافنا والمدن الشامية وليبيا وغير ذلك، وقد استمر هذا الاستخدام خلال العصر الإسلامي، ومن أمثلته الباقية التي تنتمي إلى هذا النوع من التخطيط مسجد بلخ، ويؤرخ بالربع الثاني من القرن 3 هجري، ومسجد الباب المردوم بطليطلة 390 هجري، وكل منهما مقسم إلى ثلاثة أروقة يغطيها تسع قباب صغيرة متساوية، ويستنثى من ذلك القبة الوسطى بمسجد الباب المردوم، فهي أكثر ارتفاعاً عن بقية القباب بهذا المسجد.
إلى جانب مسجد المسلمين أو المدجنين (منزل الدباغين) بطليطلة النصف الثاني من القرن 6 هجري، ومن النماذج الباقية في آسيا الوسطى على سيبل المثال، كل من مسجد ترمذ ومسجد الشيخ خراسان في أزربيجان.
كذلك فقد انتشر هذا النوع من التخطيط في العمارة العثمانية، وهو الطراز الذي عرف باسم طراز بوصة الثاني، والذي ظل مسخدماً فيها حتى نهاية القرن 11 هجري، ومن بين أمثلته الباقية نذكر كل من: الجامع الكبير في بورصة والجامع القديم أو العتيق في أدرنة، ويتقدم هذا الجامع رواق أو سقيفة تغطيها قبة في الوسط تكتنفها من جانبيها أربعة أقبية متقاطعة بواقع قبوين من كل جانب.
وشاع هذا النوع من التخطيط وتلك التغطية في الهند أيضاً، وبخاصة البنغال التي ما تزال تحتفظ بنماذج عديدة، ومنها ما هو عبارة عن رواق واحد مغطى بثلاث قباب متساوية مثل مسجد جمال الدين بن فخر الدين 936 هجري، ومنها ما هو عبارة عن رواقين يغطيهما ست قباب متساوية مثل مسجد باب آدم في رامبال الذي يني عام 888 هجري.