عمارة التحصين في المغرب الإسلامي

اقرأ في هذا المقال


كان تطور التحصين مختلفاً في شبه الجزيرة وفي إفريقيا رغم الوحدة الأساسية لطرز العمارة التي كانت سائدة أنذاك في الأندلس والمغرب، وكان الإسلام في الأندلس في ذلك الوقت محصوراً في مملكة غرناطة الصغيرة، وهي تابعة لقشتالة، ولكن هذه المملكة التابعة كانت دائبة على التمرد على سيدتها مما اقتضاها أن تحتمي وراء حدود محصنة.

خصائص التحصين في المغرب الإسلامي

قلدت جملة صالحة من قلاع هذه الحدود بعض حصون النصارى التي كانت تواجهها، وكانت تبدو ببنائها الحجري وحيرها المزدوج ومعقلها كالشيء الدخيل تماماً أو يكاد على التحصين الإسلامي في المغرب، ولكن سرعان ما تداعت المؤثرات النصرانية البعيدة كل البعد عن أحياء التقاليد الإسلامية وأصبحت طرزاً منغولة، ولم توجد لا في العاصمة نفسها ولا في منشآت تاريخ متأخر بعض الشيء.

ونحن نجد في هذا الصدد أشكالاً ابتدعت في القرنين الخامس والسادس الهجريين منقولة دون تعديل كبير، فمداخل البوابات بممراتها المتعرجة هي منشآت قوية، وفي قصر الحمراء في القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) وفي قلعة جبل فارو في مالقة طواب متباعدة حلت محل الأبراج الصغيرة المتقاربة للحيران المألوفة، وحيثما يضيق الوقت عن تعديل الحصينات بسبب إدخال المدافع كانت تقام منصات بدائية للمدافع عند قواعد المنشآت القديمة.

وفي شمالي إفريقيا احتفظت مملكتا فاس وتلمسان بتقاليد الموحدين دون تغيير تقريباً، وكانت الستائر والأبراج تشيد بالخرسانة، أما مداخل البوابات التي كانت دائماً رائعة ذات ممرات متعرجة فقد كان الغالب في بنائها الآجر أكثر من الحجارة وظلت إفريقيا التي أباحت بعض المؤثرات الموحدية ملتزمة بالحجارة أشكالها التقليدية في التفصيلات، هكذا بقيت الحصون والقصور والمعابد في هذه الفترة الطويلة ملتزمة بتكرار أشكال الماضي لا تتجاوزها إلا في النادر.

التحصين في الأزمنة الحديثة في المغرب الإسلامي

أحدث تطور المدفعية تحولاً عميقاً في الأفكار الخاصة بالتحصين في البلاد الأوروبية كافة، أما شمالي إفريقية فلم يستخدم أي شكل جديد واكتفى بتقليد ما تزوده به أوروبا من نماذج في حرص يتفاوت مقداره، ثم إنه لم يكن يسمح بتقليد هذه النماذج إلا في الوقت الذي يضطر فيه الى الدفاع عن نفسه أمام أمة أوروبية وخاصة في الأقاليم الساحلية.


شارك المقالة: