سمات عمارة عثمان بن عفان للمسجد النبوي:
بمقارنة هذه العمارة بما سبقتها من عمائر في المسجد النبوي، حيث البناء ونوعية المواد المستخدمه يُبيّن أن نخر جذوع النخل المستخدمة في عوارض السقف وأعمدته كان لها دور كبير في عمارة عثمان (رضي الله عنه)، فقد نقل السمهودي عن أبي دواد ما يؤيد ذلك.
ويبدو أن الأعوام الخمسة التي تلت مفاتحة الناس لعثمان رضي الله عنه بأمر الزيادة في أول خلافته أكدت له حاجة المسجد إلى التوسعة وتجديد الأسلوب القديم الذي اتبع في بناء المسجد، وذلك بتغيير اللبن والأحجار الغشيمة بأحجار منحوتة وهي ما تعبر عنه الروايات بالأحجار المنقوشة، وحلت الأعمدة التي تتألف من حجارة منقوشة فيها أعمدة الحديد وفيها الرصاص؛ وذلك ليزيد في تماسكها محل جذوع النخل، التي قيل أن زيد بن ثابت وضعها موضع الاسطوانات السابقة في عمارة عثمان بن عفان.
وأدت الحاجة إلى حماية الخليفة من المعتدين إلى بناء مقصورة من لبن تحيط بالمصلى الذي استحدثه عثمان في البلاط الذي زاده في مقدم المسجد، كما قيل أنه جعل فيها كوة ينظر الناس منها إلى الإمام وكان يصلي فيها خوفاً من الذي أصاب عمر.
خصائص عمارة عثمان بن عفان للمسجد النبوي:
إذا كان عثمان بن عفان (رضي الله عنه) قد زاد في المسجد وغير من شكل البناء فإنه احتفظ بعدد الأبواب التي كانت في عهد عمر رضي الله عنه وكذلك أماكنها، فما كان منها في الجدار الشرقي هو باب جبريل وباب النساء أبقاهما في موضعيهما الأولين، وما كان منها في الجانبين الذين شملتهما التوسعة وهما الجانب الغربي والشمالي، فقد جعلهما بمحاذاة الأبواب الأولى.
كما احتفظ المسجد الشريف في هذه العمارة بمعالمه الرئيسية وكان أمراً ضرورياً لكل من أراد أن يتعرض للمسجد النبوي بعمارة أو ترميم احتراماً لعلاقتها الوثيقة بمؤسس المسجد عليه السلام، وكان حرص عثمان رضي الله عنه على دقة العمل وخلاص النية فيه كبيراً جداً فلم يكتفي بإسناده إلى زيد بن ثابت المشرف على عمارة المسجد في عهده بل كان يباشر رضي الله عنه العمل بنفسه، ومن هذه الأعمال فرش المسجد بحصباء وادي العقيق.