بدأ الإسلام بالظهور بعد انتشار المسيحية بستة قرون في شبه الجزيرة العربية، تميزت شبة جزيرة العرب بالبساطة، وكانت نوعية حياتهم تعرف بالبداوة والبساطة الشديدة؛ وذلك انسجاماً مع الطبيعية الصحراوية القاسية، حيث لم تصل الحضارات القديمة إليها، لذلك لم تنتشر فيها القراءة والكتابة، حيث كان رصيدهم الفكري وتراثهم الأدبي قليل جداً، أما تراثهم وحضارتهم كانوا ينقلوها بالطريقة الشفهية عبر الأجيال، حيث كانوا ينقلوا حكمهم وأشعارهم وأمثالهم، حيث كان أبناء العرب يتنقلون في الصحراء للبحث عن الماء ومقومات الحياة.
كان التجمع السكاني في شبة جزيرة العرب في مكة التي كانت تعرف بقلب شبة الجزيرة العربية، حيث كان السكان يتجمعوا حول الأسواق التجارية وسقاية الحجاج في الكعبة الشريفة، لذلك لمّا ظهر الدين المسيحي لم يحدث تغيير كبير على حياة العرب، بل تغيرت حياتهم الروحانية وانتقلوا من عبادة الأوثان إلى عبادة الله سبحان وتعالى.
كان الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام) منشغلاً في نشر الدعوة الأسلامية والدفاع عن المسلمين وحمايتهم من الأذى، كما كان يقضي معظم أوقاته في تقوية الإسلام والدولة الإسلامية، وعندما توفى عليه الصلاة والسلام حمل من بعده الخلفاء الراشدين الدعوة الإسلامية والاستمرار بالفتوحات، وكان الإسلام وقتها يتسم بالبساطة والزهد، ولم يظهر الفن الإسلامي إلا عندما استقرت الدولة الإسلامية ووصلت إلى مرحلة عالية من القوة والثبات مكنتها من تثبيت نفسها بين الأمم والحضارات.
استمر ذلك من نهاية القرن الأول الهجري حتى نهاية القرن التاسع عشر طوال الفترة التي كان يوجد فيها خليفة للمسلمين، كان الإسلام محور الحياة في تلك العصور، كما كان المصدر الرئيسي لقوانين ونهج الحياة، بعدها تحولت الأفكار والحياة الروحية إلى مظاهر مادية ملموسة، فظهرت عمارة تختلف بالمواصفات الفنية عن التي سبقتها.
وبسبب الانتشار الكبير التي حققته الدولة الإسلامية، فقد اختلطت تلك الحضارة بالحضارات التي سبقتها في البلاد التي تم فتحها، فقد اختلطت الحضارة الإسلامية بالحضارة البيزنطية في بلاد الشام ومصر، واختلطت مع حضارة الساسانية في بلاد فارس والسند، فقد تحدّت جميع هذه الحضارات لتخرج فنّاً جديداً يختلف عن فنون الحضارات السابقة، اهتم هذا الفن بالجانب الروحي كثيراً حيث لطالما حاول المسلمون إظهاره في فنونهم، لذلك كان للفن الإسلامي سمات روحية خاصة ميزته عن غيره وجعلت له شخصية مستقلة.
بداية الفن الأسلامي:
بدأ ظهور الفن الإسلامي مع بداية الدولة الأموية في مدينة دمشق، حيث أول ما ظهرت تلك الملامح ظهرت على الفنون المعمارية، إذ تبلورت في البداية في المساجد حيث احتاج المسلمون أماكن لإقامة شعائرهم الدنية، حيث يعتبر المسجد المكان الأساسي والروحي للبلاد الإسلامية، ومع مرور الوقت، استمر الفن الإسلامي بالتطور، حيث ظهر في بغداد الطراز العباسي والطراز الفاطمي والمملوكي في مصر، كما انطلق الطراز العثماني في تركيا وطراز الفارسية من البلاد الفارسية.