وصف مدينة أجدابيا:
أما عن مدينة أجدابيا فيعطينا البكري هذا الوصف: “إن أجدابيا مدينة كبيرة، بها آبار وينابيع وحدائق وأشجار نخيل وأشجار الأرك ومسجد جديد البناء، شيده أبو القاسم بن عبيد الله والذي يحتوي على صومعه مثمنة الشكل، وبهذه المدينة كثير من الفنادق وأسواق عامر”.
وصف الجامع المكتشف في مدينة أجدابيا:
والجامع المكتشف أثناء الحفريات هو من المساجد الكبيرة والمهمة، ولكنه شيد بالحجر المنتظم وبعناية كبيرة في البناء والزخرفة، ويحتوي بيت الصلاة على ثماني بواكي تسير متعامدة على جدار القبلة، بكل بائكة أربعة عقود وبهذا تكون قاعة الصلاة ذات تسعة أروقة متعامدة على جدار القبلة.
الرواق الأوسط منها أعرض من بقية الأروقة وعقود البواكي محمولة على داعامات، والبائكتان اللتان تؤكدا محور المحراب محمولتين على دعامات وأعمدة، والمحراب له مسقط مستطيل، ويميز هذا الجامع ملمح معماري آخر، هو أن واجهة بيت الصلاة المطلة على الصحن محددة بصف من الدعامات الضخمة، بكل دعامة حنية نصف دائرية، يعتقد بعض الباحثين إنها كانت محاريب على أن البعض الآخر يرى أنها كانت حنايا لوضع جرار للمياه، مثل هذا الملمح يمكن رؤيته في بعض المساجد الفاطمية.
ويحيط بالصحن رواق من جهاته الأربعة والبائكة على الجانبين الطوليين محمولة على سبعة عقود، وعلى الجانبين القصيرين محمولة على خمسة عقود، ويحتمل أن هذا الجامع كان مسقوفاً بأقبية برميلية إذ أن هذه الطريقة في التسقيف كانت منتشرة بإجدابيا في فترة المؤرخ البكري.
فقد آشار هذا المؤرخ إلى إن مباني مدينة إجدابيا ليس لها أسقف مسطحة، ولكنها ذات أقبية من الآجر والحجارة، ومهما يكن فالمعلومات المتاحة من تقارير الحفريات التي أجريت في منطقة إجدابيا وبالذات في منطقة الجامع لا تؤكد أو تنفي فيما إذا كانت أسقف الأبنية الدينية من الأقبية أو خلاف ذلك، أما بالنسبة للمئذنة التي تقع على الجانب الشمالي الغربي من المسجد فلها ترتيب وشكل خاص.
فهناك سلم خارجي يقودنا إلى سطح قاعدة مربعة من الحجارة، فوقها كان ينتصب جسم المئذنة المثمنة الشكل، وبدنها به سلم داخلي يؤدي إلى قمتها، وهناك نقش ورسم قام به الرحالة في القرن التاسع عشر، يوضح بعض التفاصيل المتبقية من المسجد ومنها بعض العقود الباقية والمحراب والاجزاء السفلى من المئذنة، والتي اختفت منذ ذلك الحين.