عمارة مدينة زويلة

اقرأ في هذا المقال


وصف مدينة زويلة:

بنى هذه المدينة الإمام عبيد الله المهدي كمدينة للعامة وأنشأها على بعد رمية سهم من مدينة المهدية، المدينة الملكية التي سكن بها هو وحاشيته وجنده، وكان إنشاء هذه المدينة حقاً للخصوصية الملكية لمدينة المهدية، وقد أشار ياقوت إلى الحكمة من فضل سكن العامة في مدينة قائمة بذاتها عن مدينة المهدية مقر الخلافة، فأشار إلى أن عبيد الله المهدي أسكن العامة في زويلة.

وكانت دكاكينهم وأموالهم في المهدية وبزويلة مساكنهم، فكانوا يدخلون بالنهار للمعيشة ويخرجون بالليل إلى أهليهم، فقيل للمهدي: أن رعيتك في عناء من هذا، فقال: “لكن أنا في راحة، لأني بالليل أفرق بينهم وبين أموالهم، وفي النهار أفرق بينهم وبين أهاليهم فآمن عائلتهم”.

سبب بناء مدينة زويلة:

وتكشف الرواية عن أن مدينة المهدية كانت تضم منشآت تجارية يمارس فيها العامة تجارتهم وصناعاتهم باعتبار أن الدكاكين في تلك العصور كانت هي مجال التجارة والصناعة في الغالب الأعم، ورؤية عبيد الله المهدي في بناء مدينة الزويلة تختلف عن رؤية الخليفة المنصور الذي أنشأ الكرخ خارج أسوار بغدار لينقل إليها التجار بعد تحذير الزائر الرومي الذي زار بغداد وحذره من وجود النشاط التجاري داخل بغداد؛ لأن من شأنه أن يعرض أمنها للخطر، حيث يستطيع الجواسيس بسهولة الولوج إلى هذه الأسواق ويكشفوا أسرار المدينة.

ورغم اختلاف الرؤية إلا أنه في كلتا الحالتين كان حرص الخليفة واضحاً على توفير الأمن لمدينة كل منهما، مع توفير ما تحتاجه كل مدينة من أهل الصناع والحرف والتجار الذين لا تستغني عنهم أي مدينة، بل إن وجودهم في أي مدينة أو بالقرب منها كما في زويلة والكرخ بالنسبة للمهدية وبغداد يُعد من الشروط الأساسية التي يجب اعتبارها في تخطيط المدن، حيث ذكر ابن الربيع في وصاياه للخليفة المعتصم عند إنشاء سامراء أن على الحاكم عند إنشاء مدينته أن يقدر أسواقها لتنال سكانها حوائجهم عن قرب.

ولم يمنع هذا أن ينشئ عبيد الله المهدي بزويلة جملة من الأسواق والفنادق، وهذه الأسواق كانت لتكفية حاجات زويلة دون الاضطرار إلى الذهاب إلى أسواق المهدية التي أنشئت لخدمة الحاشية والعسكر القانطين بالمدينة.


شارك المقالة: