مدينة سلطان الأثرية في ليبيا

اقرأ في هذا المقال


قبل مناقشة تطور المعمار الديني في ليبيا في العهد العثماني علينا تكوين فكرة عن التقليد المعماري للعهود السابقة للفترة العثمانية، وخاصة في العهد الحفصي (1228_1510)، فالمصادر الأدبية تعطينا معلومات عن التطور المعماري وتزودنا بتواريخ لبعض المباني الدينية، والتي لم تعرف سنوات تشييدها ونسبتها إلى فترة تاريخية معينة.

وقد كشفت الحفريات التي أجريت في كل من مدينة سلطان وأجدايبا الأثاريتين عن بقايا لمسجدين فاطميين، فمدينة سلطان تقع على الطريق الساحلي شرق مدينة سرت الحالية، بنحو 55 كيلو مترن تم التعرف عليها على إنها مدينة سرت القديمة، والتي تحيطها أسوار والتي ذكرها المؤرخون والرحالة العرب القدامى.

خصائص مدينة سلطان الأثرية في ليبيا:

قد وصفت مدينة سلطان بأنها كانت ذات أسوار قوية مبنية بالطين والحجر، ولم يشر المؤرخ إلى وجود مسجد في هذه المدينة، ولم يصل إلينا وصف مقتضب إلا في القرن الحادي عشر الإفرنجي عندما زارها البكري حيث قال: “مدينة سلطان محاطة بسور من حجارة، وبها مسجد وحمام وبعض الأسواق، ولهذه المدينة ثلاث بوابات، وليس لهذه المدينة ضواحي وبها أشجار نخيل وحداق وآبار مياه عذبة وأعداد كبيرة من صهاريج المياه”.

وهنا نجد أول ذكر لمسجد في هذه المدينة، وحسب ما جاء في الدراسة التي قام بها الدكتور محمد مصطفى عن حفريات مدينة سلطان، حيث إن قطع الفخار والخزف التي وجدت في هذه الحفريات وخاصة في منطقة جامع الجامع ترجع إلى القرن الرابع الهجري، ويصل الباحث إلى نتيجة هي أن مدينة سلطان شيدت في العهد الفاطمي في نفس الفترة التي شيدت فيها كثير من التحصينات الفاطمية؛ من أجل حراسة وحماية طرق المواصلات.

وقد أرجع الدكتور مصطفى بناء الجامع بهذه المدينة إلى العصر الفاطمي، ويؤيد هذا الرأي الباحث عبد الحميد عبد السيد الذي كتب مقالاً عن هذا الجامع المكتشف (أبعاده 31×41 متر)، فأرجعه إلى فترة العزيز نزار أو إلى والده المعز لدين الله معد (380_393 هجري).

هذا الجامع له تخطيط امتازت به المساجد التي شيدت في العصر الفاطمي، مثل مساجد القاهرة المعزية الفاطمية، بحيث تتكون قاعة الصلاة فيه من ثلاثة أروقة متوازية ،مع جدار القبلة يقطعها مجاز قاطع على محور المدخل والمحراب، وكل بائكة تتكون من ثلاثة عقود على جانب من المجاز.


شارك المقالة: