انتشرت في إقليم تهامة العديد من القبائل المتناثرة أثناء فترة ظهور الإسلام: وكانت أبرز سماتها أنها غير متجانسة من حيث النسب أو الانتظام الإداري فمن الجهة الشمالية لهذا الإقليم كانت تقطنه قبيلة سعد العشيرة وهي من مَذحج، وفي وسطه تقطن قبيلة الأشاعرة وعَكَ وحاضرتها مدينة زبيد، أما جنوب هذا الإقليم فكانت تسكنه قبيلة الأصابح الحميرية.
خصائص تطور المدن في تهامة
في الفترات اللاحقة لظهور الإسلام لعب الجانب القبلي إلى جوار العاطفة الأسرية دوراً هاماً في تخطيط مدن تهامة واستقرار كل قبيلة أو أسرة في قسم معين من هذه المدينة أو تلك، وهذا هو الوضع نفسه كما في المدن اليمنية والعربية والإسلامية حيث نجد التكتل القبلي أو الأسري متواجد بشكل واضح.
لقد تعرضت معظم تلك المدن والقرى التي ذكرها كلا المؤرّخَين الهمداني واليمني في القرون اللاحقة للاندثار؛ ويرجع ذلك إلى فقدان أهميتها السياسية أو الاقتصادية ولعل من أبرز الأسباب التي أدت إلى اندثارها وهجرة ساكنتها هي الظروف الجغرافية والطبيعية، فحينما كانت منازلها عبارة عن أكواخ أنشئت بمادتي القش والقصب اللتين تتوافقان مع البيئة الحارة، إلا أن عمليات التصحر وزحف الرمال وكذلك تجريف الأرض بسبب مياه السيول المتدفقة في أيام الأمطار، وكذلك الحرائق كان لها دوراً كبيراً في اندثار تلك المدن والقرى وعلى إثر ذلك قامت مدن أو قرى أخرى على أنقاضها أو بالقرب منها.
وصف مدن تهامة في اليمن
إن مدن تهامة صغيرة وهي أشبه بالقرى الكبيرة وفيما يخص تاريخ نشأتها فإن المشكلة التي يعانيها الباحث في كتابته عن هذا الجانب هي أن المصادر والمراجع التاريخية لم تشر بمعلومات تفصيلية عن عملية اختطاطها وكيفية توزيع خططها، كما أن هذه المصادر لم تذكر إلا نصوصاً قليلة تحتوي على معلومات مبعثرة تذكر الخطط عرضاً أثناء تطرقها للأحداث التاريخية، لذلك من الصعوبة بمكان أن نعرف بصورة دقيقة كيف اختطت تلك المدن وكيف حددت أقسامها ومرافقها، وعلى سبيل المثال توجد لدينا مدينتان: إحداهما من المدن الإسلامية المبكرة وهي زبيد والأخرى مدينة متأخرة (الزهراء) فالأولى نقلت جميع المصادر والمراجع عن المؤرخ عمارة اليمني.