تقول القاعدة الأصولية: شرع من قبلنا شرعنا مالم يخالف شرعنا والعكس صحيح، وعليه فإن المعمار المسلم قد أخذ من الحضارات السابقة آداباً وفنوناً وعلوماً معمارية لا تتعارض مع الشريعة الحنفية، ومن أهم هذه الروافد:
العمارة الساسانية وأثرها على العمارة الإسلامية:
لقد كان للعمارة الساسانية الأثر الأكبر في العمارة الإسلامية الشرقية عامة والعراقية خاصة، وقد وضح ذلك بعد انتقال الخلافة إلى العرق على يد العباسيين، حيث ازداد ظهور العنصر الفارسي سياسياً وثقافياً وفنياً وضعفت الروابط الشامية (الهيلينية) المبكرة لتحل محلها تقاليد ساسانية، ويبدو ذلك واضحاً في بوابة مدينة المنصور التي زينت بالمنحوتات (الآجرية) والتي ظهرت كذلك في قصر الجوسق الذي بناه المعتصم.
حيث الأشكال الآدمية ذات الطابع الشرقي بالإضافة إلى أشكال الطيور والحيوانات وحوريات البحر والراقصات وغلب عليها اللونين الأحمر الأزرق الزاهي، وكانت متأثرة بالتصوير المانوي والإيغوري، وقد كانت سامرا مصدراً هاماً لهذه الآثار العباسية رغم قصر عمرها.
وقد ظهر فيها فن التغشية الجدارية بالجص والمنقوش عبر القوالب الجاهزة وهو فن عباسي خالص، وقد انتقل الطراز العباسي إلى مصر على يد ابن طولون، حيث يضيف أن العمارة الساسانية قامت بدور الوسيط لنقل العمارة السومرية والبابلية وطرزها.
ولعل أهما القباب الدائرية ونصف الدائرية والأقواس والعقود نصف الدائرية، وكذلك التزيين بزهرة اللوتس والمرواح النخيلية وكيزان الصنوبر والنقش البارز للحيوانات الخرافية والزخرفة الفسيفسائية وهم روادها في العالم كله، والمبنى ذو الفناء الذي يذكر بالعمارة الإسلامية ونرى أن الأثر العربي التوحيدي القادم من جزيرة العرب على يد الأكديين وما بعدهم والعلة المشتركة.
الرافد الشامي (الهيليني-الروماني):
وقد كانت العمارة الهلنستية والرومانية أثر كبير في العمارة الإسلامية في الشام في مراحلها الأولى، ويتضح ذلك في قبة الصخرة من حيث الشكل والتصميم، حيث يذكر أنه أسلوب معماري شاع وراج في فلسطين منذ القرن الأول الميلادي، وازدهر في عهد قسطنطين الكبير ليصبح المخطط الهندسي للمباني الدينية.
ومثال على ذلك قبة المارينيون في غزة، والتي بنيت على شرف مارناس (الإله السمكة) في القرن الثاني الميلادي، إلا أن هذا القول لا يسلم به لأنها كانت مخروطية لا نصف كروية مثل قبة الصخرة حسب كرزويل، وقد اعتبرت أوراق الأكانتس والعنب وأشكال السلال التي تخرج منها فروع نباتية والأشكال المنحنية وشجرة الحياة أساس الزخرفة والزينة في العمارة الأموية.