ميزات الأسواق في العمارة الإسلامية:
كانت الأسواق منظمة تنظيماً جيداً، ولنأخذ مدينة واسط كمثال، فقد كانت أسواقها موزعة على الحرف والبضائع، فقد أنزل الحجاج أصحاب كل حرفة في جهة، فأنزل باعة الطعام والبزازين والصيارفة والعطارين إلى مبنى السوق المركزي، وامتدت إلى درب الخزاين، كما أنزل البقالين وباعة الفواكه في الجانب المقابل وامتدت إلى درب الخزاين أيضاً فكأنه نهاية للأسواق الفرعية.
وزيادة في التنظيم وتسهيل عمليات البيع والشراء فقد جعل في كل سوق صيرفياً، كما يورد أحدهم وصفاً لسوق القيروان على لسان البكري حيث يقول: إن سماط (طريق) سوق القيروان قبل أن ينقل إلى المنصورية كان متصلاً من جهة القبلة إلى الجوف ويبلغ طوله من باب أبي ربيع إلى المسجد الجامع حوالي ميلين إلا ثلث ومن الجامع حتى باب تونس ثلث ميل.
وكان يشتمل على جميع التجارات والصنائع والمهن ويعزى أمر ترتيبه إلى الخليفة هشام بن عبد الملك، ويورد ناجي أيضاً وصفاً لسوق الكوفة، وكانت أسواقها أو أمرها غير محددة بمكان لكل صنعة، وكان صحن المدينة يضم الجامع والقصر والسوق حتى لا يعتدي الناس عليه بالبناء، واعتماداً على قول الفاروق في تنظيم السوق “الأسواق على سنة المساجد من سبق إلى مقعد فهو له حتى يقوم منه إلى بيته أو يفرغ من بيعه”.
إلا أن اليعقوبي وصف السوق فيما بعد بقوله: إنه يبدأ من قصر الإمارة والمسجد الجامع إلى دار الوليد ثم إلى القلائين وإلى دور ثقيف وأشجع، ويبدوا أنه أصبح موزعاً على الحرف وقد ظل بالبواري، وقد نظم أسواقها خالد بن عبد الله القسري البجلي في ولايته عليها، فبنى الحوانيت وسقفها بسقوف من آجر وجص ووزعها على الباعة وجعل لكل منهم سوقاً خاصاً كما تبنى اخوه أسد سوقاً جديدة عُرف بسوق أسد.
القصور في العمارة الإسلامية:
لعل أولها دار الإمارة بالكوفة التي اتخذها عتبة بن غزوان ملاصقة لمسجدها ثم أصبحت القصور مجالاً لإظهار فخامة الحاكم وهيبته، وكذلك بذخه وأيضاً ممارسة ما يخجل منه أمام الناس، فهي نوعان قصور حكم في قلب حاضرة الخلافة أو الولاية، كدار الإمارة والجوسق الخاقاني وقصور بعيدة لممارسة حياة بعيدة عن الحكم وأعبائه.