الفكر الجغرافي والبيئة

اقرأ في هذا المقال


ما هو الفكر الجغرافي؟

إن علم الجغرافيا يُعرف لدى عدد كبير من العلماء بأنه هو علم البيئة، كما أن علم الجغرافيا هو علم يقوم بدراسة البيئة، كما قد أخذ مصطلح البيئة من (باء) وذلك بمعنى رجع، (وتبوأ المكان) أي بمعنى حل بالمكان ونزل به، قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ} [سورة الحشر آية 9] أي الذين قاموا بالاستقرار في المدينة وسكنوها من الأنصار.
حيث ثبتت قلوبهم واستقرت على الإيمان، ومن قام بمراقبة استخدامات كلمة البيئة نجد أنها تشير إلى المنزل والمكان الذي يتردد عليه الإنسان، ومعنى كلمة البيئة في اللغة الإنجليزية (Environment)، كما تدل المعاجم على أنها تشمل الظروف الطبيعية والمؤثرات الخارجية التى تؤثر في حياة الكائنات بما في ذلك الإنسان.

ما هي البيئة؟

وكلمة البيئة الآن أصبح استخدامها كثير جداً، حيث أن مدلولها يرتبط بالموضوع الذي استخدمت فيه، كما أنها في بعض الأحيان تدل على إقليم طبيعي مثل أن نقول (البيئة الاستوائية) أو إقليم اقتصادي مثل قولنا (البيئة الصناعية)، أو إقليم عمراني مثل أن نقول (البيئة الريفية)، أو أقاليم ثانية مثل (البيئة الثقافية) و(البيئة الاجتماعية)، وفي بعض الأحيان تدل هذه الكلمة على مكان معين مثل (بيئة المنزل) و(بيئة الحي)، من ذلك يتضح لنا بأن مصطلح البيئة مصطلح نستطيع أن نستخدمه في مجالات عديدة.
أمَّا كلمة الجغرافيا فقد كان استخدامها للمرة الأولى في سنة 300 ما قبل الميلاد تقريباً في مدينة الإسكندرية، حيثما استخدمها الباحثون في الموسييون (Mouseion)، والتي تشير إلى أنها دار البحث والدراسة صاحبة الشهرة العالمية والتي ألحقت بها مكتبة الإسكندرية، أكبر المكتبات في العالم في ذلك الوقت، كما تطور مدلول كلمة الجغرافيا وكثرت تعريفاتها بين الباحثين مع مرور الزمن.
وعلى الرغم من تباين التعريفات لعلم الجغرافيا، إلا أنها كملت تمحورها بشكل عام حول دراسة الإنسان والأرض باعتبار الأرض مكان لعيش الإنسان ومعرفة ما بينهما من علاقات توزيعاً وتحليلاً وتعليلاً، وقد عرّف بعض باحثين الجغرافيا على أنها علم التبيؤ البشري، وهذا التعريف يوضح لنا إلى حد ما اتجاه المدرسة الأيكلوجية التي ترى أن الجغرافيا هي دراسة تأثير البيئة الطبيعية في الإنسان وكافة أنشطته المختلفة.
وكما أن الباحث هانس بوبك (Hans Bobek)، وهو جغرافي ذو أصل ألماني، رأى بأن الجغرافيا هي مجال يتمثل في مكان يلتقي فيه كل من القشرة الأرضية والغلاف الحيوي والغلاف الغازي عند سطح الأرض، ولا يوجد شك أن ذلك يمثل الوسط أو البيئة التى يعيش في داخلها الإنسان.
كما يطلق على علم البيئة الحديث مصطلح الإيكولوجي (Ecology) وهذه الكلمة مكونة من مقطعين يونانيين الأول (أيكوس Oikos) ويعني (مكان المعيشة)، والثاني (لوغوس Logus) ويعني (دراسة)، وعلى هذا فإن (أيكولوجي) تعني دراسة مناطق عيش الكائنات الحية وما يكون حولها.
كما أن البيئة تُعرف بأنها الحيز المكاني الذي يعيش في داخله الإنسان، ويذهب إليه بما يضم من ظاهرات طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها، وبعبارة ثانية هي كل ما (نرى ونسمع ونشم ونتذوق ونلمس)، سواء أكان ذلك من خلق الله سبحانه وتعالى ودون أن يتدخل الإنسان وهي ظاهرات طبيعية، أم من صنع الإنسان وهي ظاهرات بشرية.
وفي ضوء السطور السابقة يتبين لنا قوة الارتباط ما بين الجغرافيا ودراسة البيئة، وكما أصبح مصطلح البيئة يستخدم في وقتنا الحالي حتى يدلنا على الأماكن بمحتواها المتميز، كالقول: البيئة الريفية والبيئة الحضرية والبيئة البحرية والبيئة الصحراوية، حيث أن تعبير (البيئة) يتم استخدامه في بعض الأحيان من أجل الدلالة على الأطر المعنوية والاجتماعية مثل القول: البيئة الثقافية أي الإطار الثقافي بما يضم من لغة ومعرفة وعقيدة وأدب وفن وأخلاق وعادات وتقاليد.
وإذا كان علم الجغرافيا يقوم بدراسة البيئة بشكل عام إلا أن النظام البيئي هو مجال لمجموعة من العلوم التي تُسمَّى (علوم البيئة) والتى تهتم في دراسة مكونات هذا النظام وفيما يلي سنقوم بتوضيحها:

  • مجموعة من عدة عناصر غير الحية مثل كل من (الماء، الغاز الموجود في الهواء، ضوء الشمس وأشعته المتباينة، التربة وكل عناصرها، الصخور جميع أنواعها، المعادن).
  • الكائنات الحية التي تنتج (producers) وتتمثل في النباتات التى يكون اعتمادها في إنتاج غذائها على عناصر البيئة غير الحية.
  • الكائنات الحية التي تستهلك (Consumers) وتتمثل في الحيوانات التي يكون كل أكلها أعشاب وحيوانات مفترسة.
  • الكائنات الحية التي تتحلل (Decomposers) حيث أنها كائنات نباتية وحيوانية مجهرية كما أنها (فطريات وبكتيريا).

شارك المقالة: