طرق المدارس الجغرافية

اقرأ في هذا المقال


ما هي المدارس الجغرافية؟

مهما يكن فإننا إذا قمنا بشكل كبير على التركيز في جميع التعاريف المختلفة التي تم إعطائها لعلم الجغرافيا وفي جميع المواضيع المختلفة التي قامت بالتطرق إليها، حيث نراها تلتقي في اهتمامها بالمجال الجغرافي بمفهومه الواسع، سواء كان خلال مرحلتها الوصفية أو في مرحلتها السببية، فمن أجل محاولة معالجة و تحليل الإشكاليات التي يطرحها هذا المجال وبالأخص في علاقته مع الإنسان، أي هل أن الإنسان يكون خاضع للطبيعة؟ أم أنه يكون فاعل فيها؟، فنتيجة تقسيم الجغرافيا إلى فروع متعددة ظهرت مدارس تختص بعلم الجغرافيا مثل المدرسة الحتمية والمدرسة البشرية والمدرسة الإقليمية، وفيما يلي يتم توضيح كل منها:

  • المدرسة الحتمية (Determinism) أو البيئية (Environmentalism) أو الجيوقراطية (Geocracy): حيث أن هذه المدرسة تقول بأن الأرض أو البيئة تتحكم بشكل كبير في حياة الإنسان، وذلك من حيث نشاطاته وسلوكه، وأن للأرض والمناخ سلطاناً كبيراً على الإنسان، وموضوع أثر البيئة في الإنسان موضوع قديم تكلم به الفلاسفة والقدماء، حيث قام العرب بالاهتمام به.
    ومن أنصار هذه المدرسة العالم الألماني همبولت الذي أورد آراءه بشأن أثر البيئة في كتابه العالم (Kosmos)، حيث أن من أنصار هذه المدرسة البارزين أيضاً فردريك راتزل الألماني الذي وضع أساس الجغرافيا البشرية، وتلميذته مس سامبل الأمريكية، حيث أن أشخاص هذه المدرسة أو البيئيون وجدوا بأن الجغرافيا هي التي تقوم بدراسة الظروف الطبيعية وتأثيرها على السكان والنشاط البشري.
  •  مدرسة التحكم البشري (Anthropocracy) أو مبدأ الإمكانية، أو الاختيارية والاحتمالية Possibilism: إن هذه المدرسة ترى بأن الإنسان يكون سيد ما حوله، وأنه يستطيع أن يغير في بيئته حينما يشاء، كما قد قامت هذه المدرسة بمناقشة آراء الحتميين وحذفت بعضها، والإنسان في نظر المدرسة الاختيارية عامل جغرافي إيجابي يساعد في تعديل مظهر سطح الأرض، فلا توجد نقطة من الأرض لا تظهر عليها بصمات الإنسان.
    لقد ظهرت هذه المدرسة في فرنسا، حيث كان من أهم مؤسسيها الجغرافي فيدال دي لابلاش، رائد الجغرافيا الفرنسية الحديثة، حيث أن هذه المدرسة تقول بأن الإنسان لا يكون عبداً للبيئة أو يكون ألعوبة في يدها، وإنما يختار من بين إمكاناتها ويشكل منها كيفما يشاء القدر الذي يسمح له به مستواه الحضاري وكفاءته الجسمانية والعقلية.
  • المدرسة الإقليمية Regionalism: حيث أن جغرافيو الولايات المتحدة الأمريكية الذين كانوا غير مهتمين بدراسة البيئة بحد ذاتها قد قاموا بدراسة هذا الاتجاه الحديث، بل من حيث تأثير الظاهرات الطبيعية على الإنسان، حيث أن اهتمام الدراسة الجغرافية الإقليمية كان بدراسة التفاعل الذي يحدث بين الظروف الطبيعية والظروف البشرية، ولقد عرّف برستون جيمس (Preston James)، وهو من أحد أنصار المدرسة الإقليمية، الجغرافيا على أنها تقوم بدراسة الروابط والعلاقات بين الظاهرات المختلفة من أجل أن تظهر الأماكن وشخصيات الأقاليم المعينة، وذلك عن طريق إظهار أوجه التشابه والاختلافات بينها.
    وكما يوجد هناك أيضاً مدارس جغرافية ثانية مثل كل من المدرسة الأيكولوجية (Ecological) ومدرسة مظهر الأرض (Landscape) ومدرسة الموقع (Location)، حيث أن المدرسة الأيكولوجية تبين بأن الجغرافيا لا بد وأن تقوم بدراسة تأثير البيئة الطبيعية على الإنسان وأنشطته المختلفة والاهتمام الكامل بها، وذلك يكون عن طريق بحث وتحليل الطرق التي يلجأ إليها الإنسان حتى يستطيع أن يتكيف مع ظروف بيئته الطبيعية.
    حيث ترى مدرسة (مظهر الأرض) أن الجغرافيا هي علم يختص في دراسة سطح الأرض بمظهره الطبيعي ومظهره البشري، كما أن كارل ساور (Carl Sauer) يرى بأنه من الضروري أن نميز بين مظهر الأرض الحضاري البشري (Cultural Landscape) ومظهر الأرض الطبيعي (Natural Landscape) ويعرف الأخير بأنه مظهر سطح الأرض قبل أن يتدخل الإنسان في تغيير ملامحه، أي مظهر سطح الأرض على طبيعته.
    أمَّا مدرسة الموقع (Locational school) فإنها تقول بأن مجال الجغرافيا يكون بدراسة أماكن الظواهر المتباينة وكيفية توزيعها على سطح الأرض مع توضيح تباين العلاقات، حيث تطور مفهوم هذه المدرسة مع مرور الوقت إلى ما عرف فيما بعد بنظرية الموقع (Location theory) التي يرى أصحابها أن لكل ظاهرة جغرافية مكاناً تكون منفرده به على سطح الكرة الأرضية يميزها عن غيرها، لكنه في الوقت نفسه لا توجد الظواهر الجغرافية بشكل منعزل عن بعضها، بل تكون مرتبطة فيما بينها وتتفاعل.

شارك المقالة: