بحيرة الأصفر:
إن بحيرة الأصفر تعرف بأنها أكبر تجمع مائي في الخليج كله، حيث توجد داخل العمران شرق الأحساء في السعودية، وهي البحيرة الوحيدة في المملكة التي تعيش فيها حياة فطرية كاملة، حيث كانت البحيرة تُسمَّى في السابق ببحيرة هجر.
كما أن للبحيرة أهمية كبيرة فهي تستقبل المياه التي تزيد من الأمطار الغزيرة وتحمي المنطقة من المستنقعات من خلال المصارف المفتوحة، كما أنها مصدر رزق للسكان ومصدراً للأعشاب التي يتم استخدامها طعاماً للمواشي وأيضاً للأسماك الصغيرة، وبعض النباتات التي تستخدم في عمليات التصنيع كنبات الأسل، إلى جانب ذلك فإنها كانت تعتبر بيئة طبيعية يعيش فيها الكثير من الحيوانات والطيور المقيمة والمهاجرة.
في فبراير 2019 اعتبرت بحيرة الأصفرالبحيرة الوحيدة في المملكة التي تعيش فيها حياة فطرية متكاملة، حيث أعلنت وزارة البيئة السعودية عن تحويل البحيرة إلى محمية طبيعية، ويأتي تحويلها من أجل تأهيلها للدخول في قائمة التراث العالمي.
يعتمد مصدر مياه البحيرة الرئيسي على مياه الصرف الزراعي، تسير فيها قنوات الصرف لتتجمع في قناة واحدة رئيسية تصب في نهاية البحيرة، حيث أنها تركزت بشكلٍ رئيسي في تغذيتها على مياه مصارف سقي النخيل والمزارع على المصارف الأهلية، حيث تأتي مياه البحيرة في الوقت الحالي من مياه مصارف ري المزارع ومياه الصرف الصحي المعالج بشكل كامل، والذي يأتي من محطات الهفوف والمعالج بشكل جزئي بالترسيب والتعقيم بالكلور فقط، وهو الذي يأتي من محطة العمران والذي كان له أثر سلبي على كل من طبيعتها وخصائصها وعلى الحياة الفطرية والطبيعية، كما أنها تلعب دوراً آخر خلال فصل الشتاء، حيث تقوم هذه المصارف بنقل مياه الأمطار إليها.
كما يحيط بالبحيرة كثبان رملية ولذا يعتبر الوصول إليها أمراً متعباً، تنمو حول البحيرة العديد من النباتات الصحراوية المختلفة منها نبات الطرفاء والأرطى والشنان والسرخس الذي ينمو بكثافة حول أطرافها، وعند انحسار المياه خلال الصيف تكون مرعى للأغنام والإبل ويخيم حولها أعداد من أهل البادية، كما أن البحيرة تعتبر مكان لاستراحة الطيور المهاجرة المختلفة التي تمر مرتين خلال العام من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب إلى الشمال وتتنوع هذه الطيور من كبيرها كالبط والأوز إلى صغيرها كالبلابل والعصافير.
يوجد في البحيرة أسماكاً ذات أحجام متباينة؛ وذلك بسبب عدم اصطيادها من الأشخاص الذين يزورون البحيرة، كما يعيش في البحيرة السلاحف وعدد من الحيوانات البرمائية والضفادع وأيضاً أنواع الأعشاب المائية والطحالب المغذية للحياة الفطرية والتي تتحمل الكثير من الملوحة مثل الكرغل والسويداء والعقربان وغيرها.
ما لا تعرفه عن بحيرة الأصفر:
تختلف البحيرة في مساحتها وعمق مياهها حسب الموسم ونسبة تساقط الأمطار في الأحساء، فتقل مساحتها خلال الصيف وتزداد نسبة الملوحة والمواد العضوية فيها، ممَّا يؤدي إلى نفوق كثير من الأسماك والأحياء المائية فيها، ويزداد حجمها في فصل الشتاء، فإذا سقطت الأمطار يصل عمقها إلى أكثر من مترين في بعض الأماكن، ممَّا يجعلها مسكن للطيور المهاجرة، تصل مساحة البحيرة إلى 240,000 متر مربع.
وعمقها يختلف على حسب كمية الأمطار أو كمية مياه الصرف الزائد من مياه مشروع الصرف والري، وأيضاً مياه الصرف الصحي الذي يصب في المصرف بينما يصل طول البحيرة إلى 25 كم، أمَّا العرض فيتغير بين الصيف والشتاء لأنه عبارة عن خلجان صغيرة، ونتيجةً لذلك فإن مساحة البحيرة تتغير أيضاً، فتكون أقل مساحة للبحيرة في الصيف بنحو 30 كم مربع، يصل فيها معدل المياه إلى 42 مليون متر مكعب، فيما يكون أقصى مساحة للبحيرة في الشتاء 48 كم مربع، ومعدل المياه 282 مليون متر مكعب.
نسبة الملوحة في البحيرة أعلى من ملوحة مياه قناة الصرف التي تكون بالقرب من البحيرة، كما يوجد زيادة في تركيز الأمونيوم والحديد داخل مياه البحيرة، وخلال الدراسة التي أجريت خلال عام 2007 حتى عام 2010، يتبين أن حجم كمية المياه الغزيرة داخل البحيرة يصل خلال فصل الصيف ما بين تسعة ملايين و190 ألف م3، إلى 22 مليوناً و850 ألف متر مكعب، على مساحة 19.2 كيلو مترمربع، بينما يصل حجم المياه المتدفقة في البحيرة شتاءً إلى 59 مليوناً و500 ألف متر مكعب، في مساحة تمتد إلى 22.4 كيلو متر.
تاريخ البحيرة:
تم ذكر البحيرة على لسان العديد من العلماء، كما تحدثوا عنها عندما تكلموا عن الإمكانات الترفيهية في الأحساء، كما ارتبطت البحيرة بوجود المياه في الأحساء قديماً، حيث كانت في الماضي امتداداً لنهر المُحَلم العظيم والذي يمتد من عين الحارة والعيون القريبة منها ليمر من خلال جبل القارة وأبو الحصيص ليصل إلى الخليج العربي، وكان ممراً للمراكب والسفن حسب ما ذكر المؤرخ عبد الخالق الجنبي، وبعد انقطاع النهر وجفافه، أتوا القرامطة عام 929م، خلال عهد عبد الله بن الحسن القرمطي بنظـام ري زراعي منظم حسب انسيابية الأرض لتنتهي بتجمّع مائي كبير شرق العمران مباشرة.
في عهد الملك فيصل قامت شركة هوليزمان الألمانية سنة 1970م والتي أوكلت لها مشروع الري والصرف بشق مصرف لينقل التجمع المائي من شرق العمران بشكل مباشر إلى الموقع الحالي للبحيرة والذي يبتعد تقريباً 10 كم عنها باتجاه الشرق لتنتقل البيئة الطبيعية وسط الصحراء والكثبان الرملية، وتحافظ على الكثير من الحيوانات والطيور والأسماك التي كادت تنقرض.