بلدة بولا ريجيا في تونس ومعالمها الأثرية

اقرأ في هذا المقال


“Bulla Regia” وتعتبر إحدى أهم الأماكن الأثرية الرومانية في تونس، والتي تقع على بعد 7 كيلو متراً شمال غرب مدينة جندوبة، حيث تعكس الهندسة المعمارية العامة والديكورات المزخرفة، ازدهار الحضارة الرومانية في البلدة.

تاريخ بلدة بولا ريجيا

يعود تاريخ بلدة بولا إلى القرن الخامس قبل الميلاد في عهد قرطاج، (قبل أن تكون مدينةً رومانية، تم العثور على آثار للثقافة الأمازيغية والبيونية تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد)، وتم إضافة “ريجيا” (الملكية) في وقتٍ لاحق عندما أصبحت عاصمة إحدى الممالك نوميدية قصيرة العمر، التي تحملتها روما بعد تدمير قرطاج.

وازدهرت بولا ريجيا حقاً في ظل الحكم الروماني، خاصةً خلال القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد، حيث نما مواطنوها من زراعة القمح، كما يعود تاريخ معظم مباني الموقع إلى تلك الحقبة، حيث تولى الرومان السيطرة المباشرة في 46 قبل الميلاد، عندما جعل يوليوس قيصر بولا ريجيا مدينةً حرة، حيث استند قرار قيصر إلى دعم المدينة أو حيادها خلال الحرب الأهلية الأخيرة.

وتحت حكم هادريان، وصلت بولا ريجيا إلى ذروتها كمستعمرةٍ رومانية مع المواطنة الكاملة، ومع ذلك، فقدت المدينة أهميتها في ظل البيزنطيين، كما قام الأرستقراطيون المحليون بتوسيع منازلهم على مساحةٍ عامة، ومن الأمثلة على ذلك؛ منزل الصياد، الذي تم تكييفه لربط منزلين وإغلاق شارع.

وبعد أن دمر الزلزال بلدة بولا ريجيا، حمت الرمال المنجرفة المواقع حتى تم التنقيب عنها في عام 1906، وتم حفر المنتدى في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، ولم يتم حفر سوى 10٪ من الموقع حتى الآن، ومن المدينة البونيقية، لم يبق شيء من الفترة نوميد، حيث ستلاحظ العمارة المتعامدة القائمة على النموذج اليوناني، ومعظم الآثار التي لا تزال قائمة حتى اليوم تعود إلى العصر الروماني وتعود إلى القرنين الثاني والرابع.

المعالم الأثرية في بلدة بولا ريجيا

تعتبر بلدة بولا ريجيا إحدى أهم الأماكن السياحية والأثرية في تونس، حيث تحتوي على العديد من المعالم الأثرية التي تجذب الكثير من الزوار أهمها؛ حمامات “Memmian” الضخمة، التي تطل على المدخل باسم “Julia Memmia”، زوجة الإمبراطور سيبتيموس سيفيروس، وتعتبر أكثر الهياكل الموجودة فوق سطح الأرض اتساعا في الموقع، وغرفها محاطةً بمناطق خدمة مقوسة، تذكيراً بالعبيد الذين حافظوا على المياه ساخنةً وتنظيف ظهورهم الرومانية.

وعند المشي شمالاً، مع إتباع اللافتات المؤدية إلى “Quartier des Maisons” (حي الفيلات)، يأخذ الزائر إلى أكثر الأحياء السكنية ثراءً في المدينة، حيث تتنوع الفيلات التي تم حفر سبعةً منها في مستوى تعقيدها، ولكنها جميعاً مبنية على نفس المخطط الأساسي، مع فناءٍ مركزي مفتوح على السماء، وعندما تنزل إلى كل منها، ستشعر بإنخفاض كبير في درجة الحرارة تماماً.

كما تحتوي البلدة على بيت الكنز الصغير الجوفي (Maison du Tresor)، والذي سمي على إسم مخبأ للعملات المعدنية البيزنطية المكتشفة فيها، حيث يحتوي على غرفة طعام كبيرةً مزينةً بفسيفساء هندسية وغرفة نوم، كما يقع “House of the Hunt” المثير للإعجاب على الجانب الآخر من الطريق، والمتمركز في قاعة تحت الأرض بثمانية أعمدة مزخرفة؛ حيث الثقوب السداسية في الجزء العلوي من كل منها تقلل بذكاء من وزن الهيكل.

وخارج الفناء توجد غرفة طعام واسعة ذات أرضية فسيفساء، مما يدل على نمط الحياة الفخم الذي كان يتمتع به السكان في البلدة، كما يوجد في الطابق العلوي بعض المراحيض الأنيقة جنباً إلى جنب، بجوار الحمام الخاص بالمبنى.

وبالاتجاه إلى الجنوب من هنا يوجد”House of Fishing”، والذي يعتبر من أقدم الفيلات، حيث يحتوي على نافورة في القبو وغرفةً صغيرة تحتوي على فسيفساء مع موضوع الصيد، وبالتوجه إلى الجنوب الشرقي، يوجد في المنطقة اليسرى النبع الذي كان يزود بولا ريجيا القديمة بالمياه، ولا يزال ينقل مياهه الباردة إلى جندوبة القريبة، وعند المشي شرقاً ثم جنوباً يمكن مشاهدة المنتدى، والذي تحيط به أنقاض معبدين؛ الكابيتول إلى الغرب، وإلى الشمال معبد أبولو، الذي أسفر عن تمثال أبولو الإلهي الحقيقي المعروض في باردو.

وإلى الجنوب مباشرةً من هنا يوجد السوق، وفي الأسفل قليلاً يوجد مسرح صغير ولكنه محفوظ بشكل جميل مع فسيفساءٍ كبيرة لدب غير شرس، كما يحتوي على الطبقات الثلاثة الأمامية الواسعة للغاية، والمفصولة عن الباقي ببقايا جدار منخفض، ومقاعداً لكبار الشخصيات، وفي الجنوب الغربي يوجد بقايا معبد إيزيس الصغير، الذي كرم الإلهة المصرية، وأضاف المزيد من  العصرية إلى البانتيون الروماني.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: