تخت سليمان الأثري في إيران

اقرأ في هذا المقال


“Takht-e Soleyman” ويعرف أيضاً ب “تلة شانكاراشاري”، ويعتبر أحد أكثر المواقع المقدسة إثارةً في إيران، والذي أثرت تصميماته التاريخية على تطور العمارة الإسلامية، حيث يعتقد أن موقعها وتشكيلاتها قد ألهمت الخيال الأسطوري القديم.

تاريخ تخت سليمان

في أعالي جبال زاغروس يقع هذا النطاق الواسع من الحجر الجيري الذي يمتد على بعد حوالي 1600 كيلو متراً من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، ويفصل إيران بشكلٍ أساسي عن العراق، حيث يعود تاريخ موقع تخت سليمان إلى 2500 قبل الميلاد، ومن المحتمل أن يعود تاريخ المعبد الحالي إلى زمن الإمبراطور المغولي جهانجير (1605-1627).

وكان يعرف الموقع في الأصل بإسم الجنزاك (الفارسية الوسطى) أو الشيز (العربية)، وأُعطي إسمه الحالي (التوراتي / القرآني) بعد الفتح العربي في العصور الصفوية، وتم إخفاء تخت سليمان من قبل بعض من أعلى الجبال في سلسلة جبال زاغروس وبالتالي تم إخفاؤه عن العالم الأوروبي لحوالي 1000 عام أو أكثر، إلا أنه تم إعادة إكتشافه في عام 1819م من قبل المسافر الإسكتلندي الراسخ السيد روبرت كير بورتر.

وخلال العصر الساساني، كان تخت سليمان دائماً مكاناً مهماً للحج الزرادشتي؛ حيث يُقال أنه بعد تتويج الحاكم الساساني الجديد في قطسيفون (العاصمة الساسانية الآن في العراق حالياً)، طُلب من الملك المتوج حديثاً أداء فريضة الحج سيراً على الأقدام إلى زاغروس للعبادة هناك، ونتيجةً للحروب الشرسة والمنهكة بين الساسانيين والبيزنطيين خلال أوائل القرن السابع، تم نهب وتدمير جزءاً كبيراً من تخت سليمان من قبل الإمبراطور البيزنطي هرقل.

وعلى الرغم من أنه ربما كان مركزاً دينياً مهماً في العصور السابقة، إلا أنه بالنسبة لآثار الأخمينية، بلغ تخت سليمان ذروته خلال الفترة الساسانية (224-650 م)، عندما أصبحت الزوراسترية دين الدولة، وفي أواخر العصور الساسانية، كانت موطناً لمعبد النار المهم للملك والمحاربين، كما يتضح من الإنتعاش أثناء الحفريات الأثرية للفقاعات الطينية أو الأختام التي تحمل هذا اللقب.

وكان تخت سليمان الملاذ الرئيسي والموقع الأول للزرادشتية، ديانة الدولة الساسانية، حيث كانت لهذه العقيدة التوحيدية المبكرة تأثيراً مهماً على الإسلام والمسيحية، كما يحتوي الموقع على العديد من العلاقات الرمزية المهمة، حيث يرتبط بمعتقدات أقدم بكثير من الزرادشتية بالإضافة إلى شخصياتٍ وأساطير توراتية مهمة.

المعالم الأثرية في تخت سليمان

يقع تخت سليمان في سهلٍ بعيد تحيط به الجبال في شمال غرب محافظة أذربيجان الغربية، حيث يتمتع الموقع بأهمية رمزية وروحية تتعلق بالنار والماء، وهذا هو السبب الرئيسي لإحتلاله منذ العصور القديمة، حيث يحتوي الموقع على بقايا مجموعة إستثنائية من العمارة الملكية للسلالة الساسانية في بلاد فارس (القرنين الثالث والسابع)، متكاملةً مع العمارة الفخمة، حيث يعتبر مثالاً بارزاً على الحرم الزرادشتي.

كما يحتوي تخت سليمان على البحيرة الإرتوازية والبركان اللذان يعدان من العناصر الأساسية فيه، ويوجد في قلب الموقع منصة بيضاوية محصنة ترتفع حوالي 60 متراً فوق السهل المحيط وتبلغ مساحتها حوالي 350 متراً في 550 متراً، وتوجد على هذه المنصة بحيرة إرتوازية ومعبد نار زرادشتية ومعبد مخصص لأناهيتا (إله المياه) والمدعوم بأربعة أقواس وملاذاً ملكياً ساسانياً، بالإضافة إلى مذبحاً منخفض وغرفة جانبية كانت مهمة للطقوس الزراداشتية.

وعلى بعد حوالي ثلاثة كيلومترات إلى الغرب يوجد بركان قديم يدعى “Zendan-e Soleyman”، والذي يرتفع حوالي 100 متراً فوق محيطه، وفي قمته توجد بقايا الأضرحة والمعابد التي يعود تاريخها إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، كما يضم الموقع تبة ماجد، وهي عبارة عن تل أثري مرتبط ثقافياً بزندان سليمان، ولا يزال تخت سليمان محمياً على تلة المسطح بجدارٍ مدعوم مثيراً للإعجاب، مع حجارة حجرية مقطوعة جيداً بتقنية الرأس والنقالة محفوظة على إرتفاع يزيد عن خمسة أمتار.

وإلى الشمال من الموقع يوجد بقايا ورشة صناعة الفخار والأفران، والتي تم تصنيع بلاطها من الخزف اللامع وبأعلى جودة، وللأسف تم إزالة معظم بلاطات تخت سليمان منذ فترة طويلة، ووجدت طريقها إلى المجموعات الخاصة والمتاحف.

المصدر: كتاب الموجز في علم الآثار للمؤلف الدكتور علي حسنكتاب موجز تاريخ علم الآثار للمؤلف الدكتور عباس سيد أحمد محمد عليكتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار للمؤلف عبد الرحمن الجبرتيكتاب علم الآثار بين النظرية والتطبيق للمؤلف الدكتور عاصم محمد رزق


شارك المقالة: