حديقة كوتو دونانا الوطنية

اقرأ في هذا المقال


ما هي حديقة كوتو دونانا الوطنية؟

حديقة (Doñana) الوطنية هي محمية طبيعية في الأندلس، جنوب إسبانيا في مقاطعات (Huelva) (معظم أراضيها) في قادس وإشبيلية، حيث تغطي 543 كيلومتر مربع (209.65 ميل مربع)، منها 135 كيلومتر مربع (52.12 ميل مربع) منطقة محمية، والحديقة عبارة عن منطقة من المستنقعات والجداول الضحلة والكثبان الرملية في الدلتا (Las Marismas)، حيث يتدفق نهر (Guadalquivir) إلى المحيط الأطلسي.

تم تأسيسها كمحمية طبيعية في عام 1969 عندما انضم الصندوق العالمي للحياة البرية إلى الحكومة الإسبانية وقام بشراء قسم من الأهوار لحمايتها، حيث يتعرض النظام البيئي لتهديد مستمر من خلال تجفيف الأهوار، واستخدام مياه النهر لتعزيز الإنتاج الزراعي عن طريق ري الأراضي على طول الساحل، وتلوث المياه عن طريق التنقيب في أعالي الأنهار وتوسيع المرافق السياحية، كما سميت على اسم (Doña Ana de Silva y Mendoza) [بالإسبانية] زوجة دوق مدينة سيدونيا السابع.

تتميز حديقة دونيانا الوطنية بتنوع بيولوجي متميز في أوروبا، على الرغم من وجود بعض أوجه التشابه مع متنزه الطبيعة الإقليمي في كامارغ في دلتا نهر كامارغ في فرنسا، حيث توأمة دونانا بارك، وتتميز الحديقة بمجموعة كبيرة ومتنوعة من النظم البيئية وملاجئ الحياة البرية، بما في ذلك الآلاف من الطيور المهاجرة الأوروبية والأفريقية والغزلان البور والغزلان الأحمر الإسباني والخنازير البرية والغرير الأوروبي والنمس المصري والأنواع المهددة بالانقراض مثل: النسر الإمبراطوري الإسباني والوشق الإيبري.

تضم محمية (Doñana) الطبيعية كلاً من متنزه (Doñana) الوطني الذي أنشئ في عام 1969، والمتنزه الطبيعي الذي أنشئ في عام 1989 وتوسعت في عام 1997، ممَّا أدى إلى إنشاء منطقة حماية عازلة تحت إدارة الحكومة الإقليمية، وتم تصنيف المتنزهين الوطني والطبيعي منذ ذلك الحين على أنهما منظر طبيعي واحد.

نظرًا لموقعها الاستراتيجي بين قارات أوروبا وإفريقيا وقربها من مضيق جبل طارق، فإن مساحة (Doñana) الكبيرة من المستنقعات المالحة هي أرض خصبة بالإضافة إلى نقطة عبور لآلاف الطيور الأوروبية والأفريقية (المائية والبرية)، وتستضيف العديد من أنواع الطيور المائية المهاجرة خلال فصل الشتاء، وعادة ما يصل إلى 200000 فرد.

ويمكن مشاهدة أكثر من 300 نوع مختلف من الطيور هناك سنويًا، حيث تعتبر أكبر محمية طبيعية في أوروبا تمتلك العديد من المؤسسات العلمية المختلفة محطات مراقبة داخل حدودها لضمان التنمية المناسبة للأراضي المجاورة والحفاظ على الأنواع المهددة التي تعيش فيها، كما تم إعلان المنطقة كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو في عام 1994، وفي عام 2006 سجلت الحديقة 376287 زائر.

خلال القرنين التاسع عشر والعشرين جاب المنطقة قطيع من الجمال الوحشي، وربما تم تقديمهم خلال الفتح المغربي لإسبانيا في القرن الثامن، أو ربما هربوا من قطيع قدمه مركيز مولينا كوحوش عبء في عام 1829، وبحلول الخمسينيات من القرن الماضي لم يتبق سوى ثمانية أفراد، وقد تعرض هؤلاء للتهديد من قبل الصيادين.

حقائق عن حديقة كوتو دونانا الوطنية:

يعكس المظهر الجغرافي لمتنزه دونيانا الوطني التطور على مدى مئات الآلاف من السنين لطبقة المياه الجوفية العميقة والسمات الجيومورفولوجية، والتي عززت التنوع البيولوجي لموائل الحياة البرية الموجودة حاليًا هناك، وبعد نهاية العصر الجليدي الأخير كانت المنطقة مغطاة بالمياه العذبة والمستنقعات قليلة الملوحة والبرك والكثبان الرملية مع بعض التدخلات البحرية الناجمة عن الأحداث عالية الطاقة مثل تسونامي والعواصف الكبيرة.

كما ارتبطت فترة الارتفاع السريع نسبيًا في مستوى سطح البحر العالمي خلال الجزء الأول من العصر الجليدي الفلندري بذوبان الجلاديات القديمة، ووصلت إلى أقصى مستوى لها منذ 6500-7000 سنة، وفي هذا الوقت غمرت المياه متنزه دونيانا الوطني والمناطق المحيطة به، وشكلت بحيرة أطلق عليها الرومان لاحقًا اسم لاكوس ليجوستينوس.

وازدادت وتيرة ملء البحيرة على مدى 6000 سنة الماضية جنبًا إلى جنب مع النمو المتسارع للحفر الرملية وإنشاء مستنقعات داخلية جديدة وأراضي رطبة، حيث تتمتع المستنقعات الواسعة لمنتزه دونيانا الوطني الآن بتضاريس مسطحة مع بعض المنخفضات الداخلية التي تشغلها أراضي رطبة مؤقتة أو دائمة تُسمَّى محليًا “لوسيوس”، والمنطقة بأكملها محمية بواسطة (Doñana spit)، وهو حاجز ساحلي رملي واسع مع أنظمة كثبان متحركة تنمو باتجاه الجنوب الشرقي.

على الرغم من أن تضاريس (Doñana) هي ميزة أرض جديدة نسبيًا، كما تم قياسها على مقياس الوقت الجيولوجي، فقد تم العثور على بقايا أدوات من العصر الحجري الحديث في المنطقة، وقد يكون للحضارات القديمة المختلفة وجود هناك منذ 2800 عام، بما في ذلك الفينيقيون واليونانيون الفوقيون والطرطسيون، ولكن لم يتم العثور على بقايا أثرية تشهد على ذلك، وفي عام 1923 بحث عالم الآثار الألماني أدولف شولتن برفقة أدولف لامرير وجورج بونسور عن موقع العاصمة التارتسية القديمة في كثبان دونانا، لكنه لم يجد شيئًا يثير الاهتمام.

تضمنت الاكتشافات الجديرة بالملاحظة بقايا المستوطنات الرومانية، التي يرجع تاريخها إلى القرن الثاني حتى القرن الخامس الميلادي، والتي كانت تعمل بشكل أساسي في صيد الأسماك وتمليح الأسماك أو تحضير الثوم، فمستنقعات الوادي الكبير (Las Marismas del Guadalquivir)، وهي منطقة من الأراضي المنخفضة المستنقعية بالقرب من الضفة اليسرى لمصب (Guadalquivir) كانت آنذاك بحيرة داخلية كبيرة تُعرف باسم (Lacus Ligustinus) في اللاتينية، حيث امتلأت البحيرة ببطء بالرواسب المترسبة، ممَّا أفسح المجال تدريجياً للأهوار الحالية.

تتمتع حديقة (Doñana Park) بمناخ متوسطي معتدل، يتميز بصيف جاف وشتاء رطب نسبيًا نتيجة للتغيرات في الجبهة القطبية والتلال شبه الاستوائية ذات الضغط المرتفع، وإن مواسم الأمطار متوسطة وتحدث في الربيع والخريف، حيث يمكن أن ينتج الخريف على وجه الخصوص أمطارًا غزيرة ناتجة عن التراكم خلال فصل الصيف للحرارة في المسطحات المائية الكبيرة القريبة ووصول الكتل الهوائية القطبية.

ومع ذلك في فصل الشتاء قد تحدث الأعاصير الحرارية المضادة محليًا، كما أن درجات الحرارة معتدلة على مدار العام، وتتراوح درجات الحرارة القصوى حوالي 17 درجة مئوية من الشتاء إلى الصيف، وإن أهم سمة للمناخ هي ثلاثة إلى خمسة أشهر من الطقس الجاف في الصيف عندما يسيطر عليه الإعصار شبه الاستوائي المضاد.

ويوجد العديد من أنواع النباتات في الحديقة مثل: الأشجار بما في ذلك الصنوبر والزهور مثل الورود والشجيرات، والأنواع الأخرى البارزة في المتنزه من بين أكثر من 875 من السكان الأصليين للنظم البيئية (Doñana) هي: الدفلى، البلوط، زهرة الجدار البحري، النبتة المالحة الحلوة، الأعشاب الشائكة وعشب المرام.

والنظام البيئي للكثبان الرملية المتنقلة والمعروف أيضًا باسم الكثبان الرملية، والتي تتكون من الرياح الجنوبية الغربية السائدة يكاد يكون غير موجود في أي مكان آخر في شبه الجزيرة الأيبيرية، حيث تتجلى قسوة هذا النظام البيئي في التكيفات التي أجرتها بعض الأنواع النباتية مع ظروفها الخاصة وهي: كثبان الرمال والتربة غير متسقة، ويعد الدفن التدريجي للنباتات خاصة الأشجار التي تظهر ثم تموت تقتلها حركة الرمال البطيئة، من أكثر الظواهر المعروفة في منطقة الشاطئ بالمنتزه.

و(Abalario – Asperillo) هي المنطقة الساحلية الواقعة غرب المنتزه الوطني من ماتالاسكاناس إلى مازاجون، وتشكل مستطيلاً بطول 25 كم ويصل إلى حوالي 5 كيلومترات داخل اليابسة، وتتكون من حقل كثبان والعديد من البحيرات القديمة والأراضي الرطبة فضلاً عن غابة كبيرة من الصنوبر والكينا الأشجار، فهي تؤوي الكثير من الحيوانات البرية بما في ذلك الوشق الأيبري، وتشمل هذه المنطقة مدينتي ماتالاسكانياس ومازاغون، بالإضافة إلى مركز اختبار إل أرينوسيلو، وهو موقع إطلاق صواريخ شبه المدارية لكن إعلانها كمنتزه وطني منع بناء مشروع حضري كبير غرب ماتالاسكاناس.

المصدر: محمد صبري محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.علي أحمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعي/2011.


شارك المقالة: