آراء العلماء حول دوران الأرض:
إن العالم اليوناني فيثاغورس اعتقد هو وزملائه في القرن السادس ما قبل الميلاد، بأن الأرض تدور حول الشمس ولكنه لم يبين الأدلة العلمية التي تؤيد ذلك وتفسر كلامه، وقد اعتبر فيثاغورس وزملائه أن الشمس هي التي تمثل أساس الوجود (The Helio Centric Theory)، أمَّا بطليموس فقد رأى أن الأرض هي أساس الكون (The GeocentricTheory).
حيث أخذ بهذا الرأي خلال منتصف القرن الثاني بعد الميلاد وفي القرن الخامس عشر قد جدد الفلكي البولندي كوبرنيكوس (Copernicus) نظرية مركزية الشمس التي قام غاليلو عن طريق منظاره الفلكي في القرن السابع عشر (1564-1462م) من تأييدها، كما أن غاليلو استطاع في اكتشاف أقمار تدور حول المشتري، واكتشف كذلك أن الزهرة تدور حول الشمس.
كيف يحدث دوران الأرض؟
كما أن مدار الأرض حول الشمس يكون بيضوي الشكل، حيث أن طوله يصل تقريباً إلى 600 ميلون ميل، وتقترب الأرض من الشمس في 3 يناير، فيقال أن الشمس في نقطة الرأس (Perihelion) وحينما تبتعد الأرض عن الشمس في 4 يوليو فإنه يقال أن الشمس في نقطة الذنب (Aphelion)، كما تقطع الأرض مدراها حول الشمس بسرعة 18 ميل في الثانية أو بمقدار 64800 ميل في الساعة أي حوالي 104 ألف كيلومتر.
كما أن دوران الأرض حول نفسها يكون مرة واحدة في كل يوم تقريباً، حيث أنها تكون بسرعة 1041 ميلاً خلال الساعة عند خط الاستواء (1666 كيلومتر)، وبسرعة 522 ميلاً (835 كيلومتر) عند درجة عرض 60 درجة تقريباً، وأمَّا سرعة دوران الأرض عند القطبين فإنها تكون صفر، كما ينتج عن دوران الأرض حول نفسها عدد من الظواهر طبيعية، حيث يعود في ذلك قلة السرعة كلما بعدنا عن خط الاستواء.
فإن أول ظاهرة تحدث نتيجة دوران الأرض حول نفسها هي قوة الطرد المركزية (Centrifugal force) التي تقوم ببعد الأشياء عن مركز الأرض، ولأن قوة الجاذبية تزداد بمقدار 289 تقريباً عن قوة الطرد المركزية عند خط الاستواء، فإن الأشياء لا تذهب بعيداً عن سطح الأرض، ولكن آثار زيادة سرعة الأرض تتمثل في قلة وزن الأشياء قليلاً عند خط الاستواء عنه عند القطبين.
ومن أجل توضيح هذا فإن 289 كيلو غراماً تخسر كيلو غراماً واحداً من وزنها عند خط الاستواء؛ وذلك نتيجة لقوة الطرد المركزية، والأمر الثاني الذي ينتج عن اختلاف سرعة دوران الأرض هو ميلان الأشياء المتحركة إلى يمين اتجاهها في نصف الكرة الشمالي وإلى يسار اتجاهها في نصف الكرة الجنوبي، كما أن العلماء أكدوا بأن طول اليوم يزداد (0.0016) تقريباً من الثانية كل قرن؛ وذلك نتيجة تأثير موجات المد والجزر على سرعة الأرض.
كما يوجد براهين كثيرة أيضاً على دوران الأرض لكننا سنتكلم الآن عن تجربة فوكول (Foucault) وهو عالم الطبيعية من أصل فرنسي، حيث قام في عام 1851 ميلادي بتعليق ثقلاً معدنياً في قبة قصر البانثيون (Pantheon) داخل مدينة باريس وقام بربطه بسلك طوله 200 قدم ووضع دبوساً على آخر الثقل الكروي، حيث يلامس هذا الطرف المدبب الأرض التي قام على تغطية سطحها بطبقة من الرمل ثم قام فوكول بتحريك البندول السلك الذي تم تثبيت الكرة به بعد أن قام باتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة، وذلك من أجل أن لا ينحرف البندول أو الرقاص عن الاتجاه الأصلي أو المستوى الرأسي الذي حصل فيه التذبذب الأول.
ومع ذلك فقد وجد العالم فوكول أن التذبذبات كانت تميل بشكل تدريجي وبطريقة منتظمة أيضاً، وكان مستوى التذبذب على شكل دائرة في اتجاه اليمين؛ أي في اتجاه دوران عقارب الساعة حول محوره، حيث يمر بالنقطة التي قام بتعليق السلك أو البندول فيها، وكان مقدار هذا الميلان في باريس 11 درجة خلال الساعة، حيث تبيّن لفوكول أن سبب حدوث هذا الميلان هو دوران الأرض حول محورها من جهة الغرب إلى جهة الشرق.
كما أن المحور القطبي الذي تدور حوله الأرض يبتعد عن الوضع العمودي بمقدار (23.5) درجة تقريباً، وبذلك فإن محور الأرض يعمل على صنع زاوية مقدارها (66.5) درجة على سطح دائرة البروج، حيث يحافظ محور الأرض على ثبات ميله واتجاهه وذلك خلال دوران الأرض حول الشمس، ويتجه أحد قطبي الأرض باتجاه الشمس بينما يتجه الثاني بعيداً عنها.
وعندما يكون القطب الشمالي باتجاه الشمس فإن الجزء الأكبر من نصف الكرة الشمالي يكون عرضه لضوء الشمس كل يوم، كما أن ما بقي يغطيه الظلام، حيث ينتج عن ذلك أن الأماكن التي تقع شمالي خط الاستواء تقطع كبيراً من دورتها في منطقة الضوء فيصبح النهار أطول، وذلك على حسب ما يقع من طول دورة الأرض في المنطقة المعرضة للضوء، أمَّا الجزء الباقي الصغير من الدورة يقع في الظلام.
وعلى هذا يكون النهار أطول من الليل داخل نصف الكرة الشمالي، كما يصبح النهار أطول كلما بعدنا عن خط الاستواء الذي يتساوى عنده طول الليل مع طول النهار، أي 12 ساعة لكل منهما، وعند درجة عرض 70 درجة شمالاً يصل طول النهار إلى شهرين، وعند الدائرة القطبية الشمالية ينعدم الليل كلياً، وفي نصف الكرة الجنوبي، حيث يقوم القطب الجنوبي في اتجاهه بعيداً عن الشمس يطول الليل ويقصر النهار.
كما أن طول الليل مع طول النهار يتساويان عندما لا يتجه أحد القطبين باتجاه الشمس، فإن الضوء يصل إلى كل منهما، وبهذا تقطع كل الأماكن على سطح الكرة الأرضية نصف دورتها في نطاق ضوء الشمس والنصف الآخر في الظلام بعيداً عن ضوء الشمس، ويحدث ذلك في الاعتدالين الربيعي والخريفي، وإلى جانب دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، فإنها تهتز في دورانها كالنحلة الخشبية (Top)؛ ويعود البسبب لتأثير جاذبية القمر على المنطقة الاستوائية المنبعجة، وتأخذ كل اهتزازة نحو 26 ألف عام تقريباً، وعلى هذا فإن القطب الشمالي ينهي دورة يتجه في أثنائها باتجاه مجموعات نجمية متباينة، وعلى سبيل المثال فإن نجم (Alpha Draconis) كان النجم القطبي منذ 3000 عام، وفي عام 14000 ميلادي سيكون نجم (النسر الواقع Vega) هو النجم القطبي.
كما تقوم الكرة الأرضية بالدوران حول محورها القطبي مرة واحدة كل يوم، وينتج من ذلك الليل والنهار، بينما تدور الكرة الأرضية نفسها حول الشمس مرة كل عام، بمعنى ثاني أن الأرض تدور حول نفسها (365) مرة كل عام مقابل دورة واحدة تدورها حول الشمس، حيث أن حركة الأرض حول نفسها تعرف باسم دوران حول المحور (Revolution)، ونظراً لأن محور دوران الأرض حول نفسها، حيث يعرف بأنه المحور القطبي للأرض نفسها، كما أنه لا يكون بشكل عامودي على سطح الدوران، فإن عمودية أشعة الشمس التي تكون على سطح الأرض لا تنحصر في مكان ثابت على سطح الأرض.
وفي الواقع لو أننا فرضنا جدلاً أن المحور القطبي عمودي على سطح الدوران، فإن زاوية سقوط أشعة الشمس على سطح الكرة الأرضية تكون بشكل عامودي عند خط الاستواء ثم تقل بشكل تدريجي باتجاه الشمال وباتجاه الجنوب إلى أن تصبح مماسة للقطبين، وهذا يعني بأن درجة الحرارة ستصل أقصاها في المناطق الاستوائية وتقل كلما توجهنا شمالاً أو جنوباً.ب
بالإضافة إلى ذلك فإن حالة المناخ ستبقى ثابتة في جميع الأماكن على سطح الأرض، وبذلك فإن فكرة الفصول تختفي، حيث تصبح كل منطقة من سطح الأرض متخصصة في إنتاج نوع محدد أو أكثر من المنتجات الزراعية، كما أن طيور وحيوانات كل منطقة ستكون موزعة على سطح الأرض على حسب ما يلائمها من المناخ، وهذا يعني بأن عملية الهجرات بين الطيور والحيوانات تنتهي، وبما أن الإنسان يوجد لديه حب التغيير في كثير من الأمور، فإن حياته ستصبح متكررة؛ لأنه سيعيش داخل منطقته دون أن يكون عنده أي تغير يذكر في مناخه الذي يعيش فيه ويتأثر به وفي نوعية إنتاجه الزراعي.
ونظراً لسبب انحراف المحور القطبي للكرة الأرضية أو أنه لا يتعامد على سطح دائرة البروج (plane of ecliptic) من ناحية، ودوران الأرض حول نفسها وأيضاً دورانها حول الشمس من ناحية ثانية، فإن الأماكن التي تكون فيها أشعة الشمس متعامدة لا تبقى ثابتة، ويكون هذا التعامد بشكل تدريجي ومنتظماً خلال السنة، متواصل التنقل من جهة الجنوب إلى جهة الشمال ومن جهة الشمال إلى جهة الجنوب في منطقة أو حزام طرفه الشمالي هو مدار السرطان.
وأمَّا حده الجنوبي فهو مدار الجدي، حيث يقوم خط الاستواء بتجزئة هذا الحزام إلى جزئين متساويين، كما أننا نعرف بأن تعامد أشعة الشمس لا يمكن أن يحصل في أي مكان من سطح الأرض خارج هذا الحزام، ومن أجل توضيح موضوع الإشارة إلى هذه المنطقة التي تنحصر بين المدارين فإننا قد رأينا أن نطلق عليها اسم (حزام تعامد أشعة الشمس).