اقرأ في هذا المقال
- قبل ظهور العين العزيزية
- نشأة عين العزيزية
- أهداف عين العزيزة
- سبب تسمية العين العزيزية
- مشروع العين العزيزية
ليس بغريب على بلد معراج الرسول والأرض المباركة التي نقدسها وفيها قبلة المسلمين أن يكون لها مجد وتاريخ الذي خلد عبر العصور، هذا التاريخ في هذه البلد العظيمة بلد سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. ومن المعالم الأثرية الموجودة في المملكة العربية (السعودية) وأهمها عين العزيزية، والتي تعد من أهم المصادر المائية في جَدة. وبذلك تكون جدة حظيت بكنزيين ثمينيين هما عين العزيزية، ومقبرة أُمنا حواء. وهي كانت مصدر مائي رئيسي وأساسي للحجاج بيت الله الحرام وأهل مدينة جدة بالخصوص. وعلى عهد الملك عبد العزيز تكفل بإعطاء الماء من عين العزيزية بدون أجر كصدقة جارية.
قبل ظهور العين العزيزية:
قبل ظهور العين العزيزية تميزت مدينة جدة بصغر حجمها وحصرها في نطاق سورها القديم الذي أقامه السلطان قنصوه الغوري عام 915 هـ. العثماني الحجازي عام 923 هـ، استمرت العين في التدفق حتى القرن الحادي عشر الهجري، وانقطعت وأصلحت ثم انقطعت مرة أخرى في القرن الثالث عشر الهجري.
في مواجهة الانقطاع الأخير للعين، سارع أحد تجار مدينة جدة وجمع التبرعات من التجار والأثرياء بها من أجل إصلاح العين واستعادة مياهها التي ضعفت مرة أخرى عام 1302 هـ؛ لذلك سلمت حكومة السلطان عبد الحميد الثاني عبر حاكمها التركي في جدة العين الوزارية التي سميت بالعين الحميدية نسبة إلى السلطان عبد الحميد الثاني، لكن ساد عليها الاسم الأول.
بداية العين الوزيرية كانت نهاية عين السلطان الغوري، وتخللت مياه العين الوزيرية بعض الملوحة، لقربها من مدينة جدة، وتنخفض نسبة الملوحة عند هطول أمطار غزيرة وتزداد مع قلة الأمطار. وانقطعت مياه العين الوزيرية عام 1327 هـ. جلبت الإمبراطورية العثمانية آلات تقطير المياه إلى جدة، وهذه الآلات تقطر المياه العذبة من المياه المالحة، حيث كانت جدة مصدرًا للحجاج ومقرًا لقناصل الدول الأجنبية. وبالفعل فقد أحضرت الآلة عام 1325 هـ وكانت تعرف باسم (الكنداسة).
المياه التي تنتجها الكنداسة لم تسد احتياجات سكان جدة والوافدين إليها، وتعرضت للانهيار من حين لآخر، وعاد وزن مياه الشرب إلى الوزيرية والخزانات مرة أخرى. وتوقف الكنداسة عن العمل نهائياً في عام 1346 هـ، بسبب ظروف الحرب السعودية الهاشمية 1343- 1344 هـ، والتي تسببت في توقف الفحم عن جدة، فاضطر الناس لاستخدام الحطب في تشغيل كنداسة مما أدى إلى خرابها النهائي، وعلى ضوء ذلك استوردت الحكومة السعودية في نفس العام 1346 هـ ماكينتين كبيرتين لتقطير المياه للسكان والحجاج وزيادة ضغط الإنتاج عليهم مما تسبب في تدمير إحدى الآلتين.
فتناقص إنتاج المياه وعادت فكرة جمع التبرعات لبعض وجهاء مدينة جدة وأعيانها لجلب نبع مياه جديد. لكن الملك عبد العزيز آل سعود أمر بإعادة التبرعات لأهلها، وأمر بحل أزمة مياه جدة بتوصيل مياه وادي فاطمة إليها، على أن تكون جميع التكاليف المالية من جيبه الخاص، وبالتالي العين العزيزة. تأسست وتأسست إدارتها.
نشأة عين العزيزية:
كان ظهور العين العزيزية حلاً لأزمة المياه التي عانت منها مدينة جدة في عهد الملك عبد العزيز، ونشأت الأزمة بسبب نضوب مياه العين الوزارية وتدمير منطقة العين. آلة كنداسة ووقف انتاج المياه. كما اعتمد أهالي جدة على تقلبات مياه الأمطار المتجمعة في الخزانات. وأمام هذه الأزمة أمر الملك عبد العزيز بشراء كمية كافية من مياه الشرب من ينابيع وادي فاطمة، كما أمر بسحب المياه منها إلى مدينة جدة لتوفير المياه للسكان والزوار والحجاج، وكل ذلك على حساب الملك على وجه الخصوص.
جعل الملك عبد العزيز العين العزيزية صدقة جارية، وعيّن نائبه العام آنذاك الملك فيصل للإشراف على الوقف، وأشرف على تطويره واستمراره. رأس الشيخ عثمان باعثمان الشيخ عثمان باعثمان حتى وفاته عام 1387 هـ، وخلفه السيد حسين محمد الصافي كرئيس بالنيابة لمدينة عين العزيزية.
أهداف عين العزيزة:
تسييل وإحضار المياه إلى مدينة جدة لتوفير المياه لكل منزل ومنشأة، كل ذلك على حساب الملكية الخاصة.
المساهمة في خدمة حجاج بيت الله الحرام من خلال توفير السكن الملائم لهم مقابل أجر. قامت العين بتشييد وتنظيم مباني مدن الحج الثلاث وهي:
- مدينة الحجاج عن طريق البحر.
- مدينة حجاج المطار القديم.
- مدينة الحاج الافريقي
اهتم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله – بشؤون المواطنين في جميع أنحاء الدولة، وعمل على تأمين متطلبات الحياة المختلفة، بما في ذلك جهوده في إيصال المياه لأهل جدة لندرتها في ذلك الوقت. وأمر الملك المؤسس رحمه الله بتنفيذ مشروع “عين العزيزية” لإيصال المياه من وادي فاطمة إلى جدة عبر مواسير مستوردة ومصنعة محلياً على بعد 70 كم. ووصل أثره إلى مدينة جدة يوم الجمعة الأول من محرم 1367 هـ والتي كانت علامة فارقة لتخفيف معاناة أهالي جدة من شح المياه.
كان السكان سعداء بتدفق المياه في خزان كيلو 14 في ذلك الوقت، لبدء مرحلة جديدة من الأمن المائي.
قبل ذلك المشروع كان الاعتماد على آلة “كنداسة” البخارية التي تقطر مياه البحر لم تلبي احتياجات السكان، حيث بلغ أقصى إنتاج لها 135 طنًا في اليوم، وكانت تمر في إجازات من حين لآخر، كان نصيب الماء أثناء ذلك للأثرياء. أما الطبقة الوسطى والفقيرة، فقد اعتمدوا على المياه من البرك والصهاريج ومياه أقل جودة كانت مخزنة في المنازل، مما تبقى من مياه الأمطار.
سبب تسمية العين العزيزية:
سبب تسمية العين العزيزية على اسم الملك عبدالعزيز – رحمه الله – كإرث تاريخي يكاد يكون المصدر الوحيد لسقي أهل جدة حتى تاريخ 1389 هـ عندما تم إنشاء محطة التحلية في مدينة جدة.
مشروع العين العزيزية:
بدأ مشروع العين العزيزية بتكلفة 6 ملايين ريال وهو مبلغ كبير بمعايير ذلك الوقت، وتبرع به الملك عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – من حسابه الخاص. قامت شركة Glatly Henke الإنجليزية بتوريد الأنابيب والأنابيب والصمامات اللازمة، وتم لاحقًا إنشاء خزان كبير لتجميع مياه وادي فاطمة على بعد 14 كيلومترًا على طريق مكة المكرمة، وأنشأت العين العزيزية توزيعًا للمياه شبكة بجدة لتوصيل المياه النظيفة والمعقمة للأحياء والمنازل والحدائق.
خلال هذا المشروع، تم جلب المياه إلى جدة من ينابيع وادي فاطمة، حيث تم اختيار ثمانية ينابيع منها، وتم أخذ سعر مياهها من كل عين، حتى لا تتأثر مصالح أصحابها الزراعيين. عيونهم والمياه كانت تجلب في الأنابيب بطريقة هندسية تقنية. وبذلك وصل ما وصل جدة يومياً عام 1383هـ إلى 350 ألف طن، وبعد هذا التاريخ تضاعف حجم وعدد الأنابيب.
بدأت العين العزيزية بخمسة أو ستة موظفين، يشرف عليها مباشرة جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز – رحمه الله – وأطلق عليها اسم سلطة عين عزيز. الملك فيصل – رحمه الله – كان له نصيب كبير في دعم مشاريع العين، فأصدر أمره بمنح عين العزيزية كامل الأرض المحاذية لمطار جدة، وذلك لتأسيس إداراتها عليها ومنها مدينة حجاج الجوير أو مدينة “حجاج المطر”، ولكي تكون هذه المدينة وقفا مرتبطا بأوقاف العين، وبعد المسافة بين الخزان والدولة العين العين.
قررت إدارة العزيزية إنشاء شبكة مياه ومد الأنابيب من الخزان إلى الأحواض التي أعدت خصيصا لهذا الغرض، وشمل توزيعها جميع أنحاء المدينة في ذلك الوقت، ومن أهمها منطقة بزنط. القشلة، الهنداوية، الرويس، النزلة، البغدادي، الشرفية، الكيلو 4، السبيل، البخاري، الثعلبة، القريات، المحجر. تصريف الكميات الزائدة من المياه من الخزانات إلى الأرض للحفاظ على الأنابيب من الخارج بلوسيون، ظهرت مزرعة كبيرة في جدة تسمى مزرعة كيلو عشرا، والتي أصبحت من أكبر المزارع في ذلك الوقت.
مع دخول المياه عبر مياه عين العزيزية، بدأت جدة في التوسع. في نفس العام الذي دخلت فيه المياه (1367 هـ) تم هدم سور جدة وتبعها أحياء جديدة مما استدعى إنشاء شبكة مياه لأول مرة، وبدأت العين العزيزية بربط مواسير المياه مباشرة إلى المنازل عبر شبكة توزيع المياه، الأمر الذي يتطلب من كل مواطن دفع قيمة رمزية لاستهلاكه من المياه للقيام بالصيانة اللازمة للأنابيب والخزانات وشبكة المياه، وما هو مطلوب لذلك من أعمال أخرى، و كان الأجر رمزيًا جدًا، وهو خمسة عشر هللة للطن للإسكان والمرافق العامة ونحو ذلك. في حكمها كان لها أجر أعلى.
لم تقتصر فائدة مشروع العين العزيزية على جدة وسكانها فقط، بل شملت أيضًا القرى والنجوع الأخرى الواقعة على طول خط الأنابيب على طريق مكة / جدة، حيث تم وضع الصنابير على مسافات قريبة من أجل الإمداد. الحجاج والمسافرون وغيرهم من أبناء البادية بالمياه، ونتيجة لزيادة الطلب على المياه. اضطرت إدارة العين إلى البحث عن مصادر أخرى للمياه، فتوجهت إلى خليص، وجلب الماء منها في شهر ذي القعدة عام 1387 هـ، وبذلك كانت قصص النجاح في ري جدة. وشعبها لم يتوقفوا لانها بحمد الله تنعم بمياه شرب معقمة ومحلاة.